وعن البراء بن عازب: كنا نتذاكر الساعة إذ أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما تتذاكرون"؟ فقلنا: نتذاكر الساعة،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض".
وعند هذا البيان، أمر الله تعالى حبيبه صلوات الله عليه أولاً بأن يقول لهم: انتظروا ذلك الموعود، إني معكم من المنتظرين، إقناطاً له عن إيمانهم. ثم ثنى بما ينبئ عن الإعراض عنهم، بقوله: (إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) [الأنعام: 159]. وثلث بالإقبال على من ينجع فيه الإنذار والوعظ، بقوله: (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) [الأنعام: 160]. وربع بما يسليه من خاصة نفسه بقوله: (قُلْ إنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الأنعام: 161]. وخمس بخاتمةٍ شريفةٍ مطابقة لما بدئت السورة به من المقاصد، وهي قوله: (قُلْ إنَّ صَلاتِي ونُسُكِي ومَحْيَايَ ومَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وبِذَلِكَ أُمِرْتُ وأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ) [الأنعام: 162 - 163].
فإن الفاتحة فتحت بذكر بدء النشأة الأولي، لبيان إثبات التوحيد، ونفي الشرك، والخاتمة بذكر بدء النشأة الأخرى، والأمر بالإخلاص، ونفي الشرك. فسبحانه ما أعظم شأنه! وما أعجز بيانه
قوله: (وعن البراء بن عازب). الحديث رواه مسلم وأبو داود والترمذي، عن حذيفة