كذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها لذلك. ومعناه: خليناهم ليمكروا، وما كففناهم عن المكر، وخص "الأكابر" لأنهم هم الحاملون على الضلال والماكرون بالناس، كقوله: (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) [الإسراء: 16].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقوله: (وإنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)، لأن الضمير المرفوع للمسلمين، والمنصوب المفعول فيه للمشركين، وهم الذين قيل فيهم" (وإن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ) [الأنعام: 116]، وهم الذين قالوا: إنكم تزعمون أنكم تعبدون الله، فما قتل الله أحق أن تأكلوا مما قتلتم أنتم.

فالجملة الشرطية، أعني: (وإنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) متضمنه لمعنى الإنكار العظيم. وقوله: (أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ) [الأنعام: 122] إلى آخره: إما حال مقدرة لجهة الإشكال، وهمزة التوبيخ مقحمة بينها وبين عاملها، أي: (إنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) بسبب إطاعتكم إياهم، والحال أنكم متحققون أنكم على هدىً مبين، وهم على ضلالٍ بعيد. أو أن يقدر بعد الهمزة معطوف عليه، أي: أتشركون بإطاعتهم ولا تعلمون أن الموحد والمشرك لا يستويان؟ أو: أتجمعون بين طاعة المبطلين، والعلم بأنكم على الحق المبين، وهم في الباطل منغمسون؟

قوله: (لذلك): أي ليمكروا فيها. قال القاضي: " (وجعلنا) بمعنى: صيرنا، ومفعولاه: (أكابر مجرميها)، على تقديم المفعول الثاني، أو (في كل قريةٍ أكابر). وقوله: (مجرميها) بدل، ويجوز أن يكون مضافاً إليه، إن فسر الجعل بالتمكين".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015