وذلك أنهم كانوا يقولون للمسلمين: إنكم تزعمون أنكم تعبدون الله، فما قتل الله أحق أن تأكلوا مما قتلتم أنتم، فقيل للمسلمين: إن كنتم متحققين بالإيمان (فكلوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) خاصةً دون ما ذكر عليه اسم غيره من آلهتهم، أو مات حتف أنفه، وما ذكر اسم الله عليه هو المذكى بـ: بسم الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما قال: (وتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وعَدْلا) [الأنعام: 115]، وأتبع ذلك قوله: (وإن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ) [الأنعام: 116]، ليؤذن بمعنى قوله: (فَمَاذَا بَعْدَ الحَقِّ إلاَّ الضَّلالُ) [يونس: 32]، أتي بنوع دعوة المشركين المسلمين إلى أهوائهم وأباطيلهم، وهو أنهم كانوا يقولون للمسلمين: فما قتل الله أحق أن تأكلوا مما قتلتم أنتم، فقيل للمسلمين: إن كنتم متحققين بالإيمان فلا تتبعوا أهواءهم، وكلوا مما ذكر اسم الله عليه، فالفاء في (فكلوا) إذاً: نتيجة.
قوله: (إن كنتم متحققين بالإيمان): أي: إن صرتم عالمين بحقائق الأمور بسبب إيمانكم بالله، وهذا من جملة ذلك، فالزموه. ويجوز أن يكون "تفعل" بمعنى "فعل" للمبالغة، أي: إن كنتم ثابتين في الإيمان، وأن يكون بمعنى "استفعل"، أي: إن كنتم طالبين الحق بسبب الإيمان.
قوله: (خاصةً دون ما ذكر عليه اسم غيره) هذا الحصر يفيده توكيد الكلام بالشرط، أي: إن خصصتم الإيمان بآيات الله، فكلوا ما أحلته الآيات، دون ما أحلوه من الميتة، أو ما ذبحوه على النصب. أو أن الفاء في قوله: (فكلوا) لما دل على التسبيب وإنكار إتباع المضلين