أنه حق لتصديقه ما عندهم وموافقته له، (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) من باب التهييج والإلهاب، كقوله تعالى: (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [الأنعام: 14].

أو (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) في أنّ أهل الكتاب يعلمون أنه منزلٌ بالحق، ولا يربك جحود أكثرهم وكفرهم به.

ويجوز أن يكون (فَلا تَكُونَنَّ) خطاباً لكل أحد، على معنى: أنه إذا تعاضدت الأدلة على صحته وصدقه، فما ينبغي أن يمتري فيه أحد. وقيل: الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم خطابٌ لأمته.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (لتصديقه): تعليل لـ"العلم"، وهو "بعلم" متعلق بـ"عضد".

قوله: (والإلهاب). ويقال: ألهبه على كذا، أي: حرضه عليه. الأساس: "ومن المجاز: ألهبته على الأمر: أردت بذلك تهييجه".

قوله: (وقيل: الخطاب لرسول الله صلي الله عليه وسلم خطاب لأمته) يريد: أن قوله: (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ) من باب تلوين الخطاب، فيجوز أن يراد به رسول الله صلي الله عليه وسلم خاصةً؛ مزيداً للثبات على اليقين، والتجنب عن الامتراء، تهييجاً وإلهاباً، ولأمته عامة؛ بالطريق الأولى، وأن يراد به جميع الناس ابتداءً، وذلك أنه لما أمر النبي صلي الله عليه وسلم أن يقول: أفغير الله أبتغي حاكماً، وهو الذي أنزل القول الفصل، الفارق بين الحق والباطل، المشهود له بالصدق، التفت إلى من يصح أن يخاطب بقوله: (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ)، وهذا لا يصار إليه، إلا أن ما يجري لأجله الخطاب معنى به جداً، فلا يختص بواحد دون آخر: وإليه الإشارة بقوله: "إذا تعاضدت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015