(مُفَصَّلًا): مبيناً فيه الفصل بين الحق والباطل، والشهادة لي بالصدق وعليكم بالافتراء، ثم عضد الدلالة على أنّ القرآن حقٌّ بعلم أهل الكتاب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ثم عضد الدلالة على أن القرآن حق). يعني: احتج بقوله: (وهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إلَيْكُمُ الكِتَابَ مُفَصَّلاً) أن القرآن حق، ثم أيده بشهادة أهل الكتاب، فيكون "ثم عضد" عطفاً على قوله في الكتاب: (وهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إلَيْكُمُ الكِتَابَ) من حيث المعنى. وفيه أن قوله: (والَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ) عطف على قوله: (وهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إلَيْكُمُ الكِتَابَ) حال مثله.
هذا يدل على إنكار عظيم من القوم، ولذلك صدرت الآية بهمزة الإنكار، مع إضمار فعل المنكر، وتقديم المفعول.
وقريب منه قوله تعالى: (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وبَيْنَكُمْ وأُوحِيَ إلَيَّ هَذَا القُرْآنُ) [الأنعام: 19]، وهذا أبلغ، وذلك أنهم طعنوا في نبوته، وما عدوا القرآن معجزةً عناداً، واتهموه تارة بقوله: (درست) وتعلمت من اليهود، وأنكروا نبوته، وأخرى بقوله: (وأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا) [الأنعام: 109]، يعني: أنك لست بنبي وأن ما جئت به ليس بآية، فأت بآيةٍ حتى نؤمن بها. فبين الله تعالى عنادهم، وأنهم مختوم على قلوبهم، وعلى أبصارهم غشاوة.
وأمثاله في آيات تسليته لحبيبه صلوات الله عليه.