فإن قلت: علام عطف قوله: (وَأَنْ أَقِيمُوا)؟ قلت: على موضع (لِنُسْلِمَ)، كأنه قيل: وأُمرنا أن نسلم وأن أقيموا. ويجوز أن يكون التقدير: وأمرنا لأن نسلم، ولأن أقيموا: أي: للإسلام ولإقامة الصلاة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال في "الانتصاف": "قوله: اللام تعليل للأمر، بناءً على أن الأمر يلزمه الإرادة. وأما أهل السنة فيرون في هذه اللام، وفي قوله: (إلاَّ لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56] إن كانت تعليلاً، أنهم بإزاحة العلل عوملوا معاملة من أريد منهم ذلك، وإن لم تكن الطاعة مرادة".
قوله: (على موقع (لِنُسْلِمَ)). قال الزجاج: (وأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ) فيه وجهان، أحدهما: أن يكون: أمرنا لنسلم، ولأن نقيم الصلاة، وثانيهما: أن يكون محمولاً على المعنى، لأن المعنى: أمرنا بالإسلام وبإقامة الصلاة، ويجوز أن يكون محمولاً على قوله: (يَدْعُونَهُ إلَى الهُدَى ائْتِنَا) [الأنعام: 71]، (وأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ)، أي: ويدعونه أن أقيموا الصلاة، وكذا عن أبي البقاء. وذكر القاضي ما ذكره المصنف. فقول المصنف: "على موقع (لِنُسْلِمَ) "، أي: لو وقع موقعه "أن نسلم"، بحذف الجار، لصح العطف، فعطف عليه بذلك الاعتبار، كما في (فَأَصَّدَّقَ وأَكُن) [المنافقون: 10].
وقال الإمام: "وكان من الظاهر أن يقال: أمرنا لنسلم ولأن نقيم، وإنما عدل إلى قوله: (وأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ) (وأَنْ أَقِيمُوا) ليؤذن بأن الكافر ما دام كافراً كان كالغائب الأجنبي، فخوطب بما يخاطب به الغيب، وإذا أسلم ودخل في زمرة المؤمنين، صار كالقريب الحاضر، فخوطب بما يخاطب به الحاضرون".