وأدخل (من) التبعيضة؛ صيانة لهم وكفا عن الإسراف والتبذير المنهي عنه. وقدّم مفعول الفعل دلالة على كونه أهم، كأنه قال: ويخصون بعض المال الحلال بالتصدّق به

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) [الواقعة: 82] والعُرف خصصه بتخصيص الشيء بالحيوان وتمكينه من الانتفاع به.

والمُعتزلة لما استحالوا من الله أن يُمكن من الحرام؛ لأنه منع من الانتفاع به، وأمر بالزجر عنه- قالوا: الرزق لا يتناول الحرام. ألا ترى أنه أسند الرزق هاهنا إلى نفسه إيذاناً بأنهم ينفقون الحلال الطلق، فإن إنفاق الحرام لا يوجب المدح، وأصحابنا جعلوا الإسناد للتعظيم والتحريض على الإنفاق، واختصاص "مما رزقناهم" بالحلال للقرينة، وتمسكوا بشمول الرزق للحرام، وأنه لو لم يكن رزقاً لم يكن المغتذي به طول عمره مرزوقاً. وليس كذلك لقوله تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) [هود: 6].

قلت: قوله: "جعلوا الإسناد للتعظيم" معناه: أن الرزق وإن كان كله من الله، لكن من شرط ما يُضاف إليه من الأفعال أن يكون الأفضل فالأفضل، كما قال إبراهيم عليه السلام: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) [الشعراء: 80] وقوله تعالى: (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة: 7].

الانتصاف: المعتزلة أثبتوا خالقاً غير الله ورازقاً غيره، وقد قال الله تعالى: (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) [فاطر: 3].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015