وشدة غضبه عليهم لذلك، وأنهم أحقاء بأن يغافصوا بالعذاب المستأصل، فقال: (ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) يعني: العذاب الذي استعجلوه في قولهم: (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ) [الأنفال: 32]، (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) في تأخير عذابكم، (يقضي الحق) أي: القضاء الحق في كل ما يقضي من التأخير والتعجيل في أقسامه، (وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) أي: القاضين. وقرئ: (يَقُصُّ الْحَقَّ)، أي: يتبع الحق والحكمة فيما يحكم به ويقدّره، من قص أثره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعني قوله: (قُلْ إنِّي نُهِيتُ)، (قُل لاَّ أَتَّبِعُ)، (قُلْ إنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ)، يعني: دعوتكم إياي إلى عبادة ما تعبدونه، وإلى متابعتي أهواءكم، وكوني على بينة، وأنتم تخالفون بالتكذيب، مما يؤذن أنكم تستعجلونني بالعذاب، واستئصال شأفتكم. ولذلك قال متضجرا: (إنِ الحُكْمُ إلاَّ لِلَّهِ).
قوله: (وشدة غضبه عليهم لذلك) أي: لتكذيبهم بالله.
قوله: (يغافصوا)، الجوهري: "غافصت الرجل، أي: أخذته على غرة".
قوله: (وقرئ: (يَقُصُّ الحَقَّ)): بالصاد المهملة، مضمومة مشددة، قرأها نافع وابن كثير وعاصم، والباقون: بإسكان القاف وضاد معجمة مكسورة مخففة.
قال الزجاج: "هذه كتبت هاهنا بغير ياءٍ على اللفظ، لأن الياء سقطت لالتقاء الساكنين، كما كتبوا: (سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ) [العلق: 18] بغير واو".