وتنبيهٌ لكل من أراد إصابة الحق ومجانبة الباطل. (قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً) أي: إن اتبعت أهواءكم فأنا ضال، وما أنا من الهدى في شيء، يعني أنكم كذلك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وتنبيه لكل من أراد). يعني: تنبيه لغير هؤلاء من رقدة الغفلة، ومتابعة الهوى، وإرشاد إلى متابعة دليلي العقل والكتاب المنير.

قوله: (وما أنا من الهدى في شيء)، يعني: اللام في (الْمُهْتَدِينَ) للجنس، والمعنى: وما أنا في عدادهم وزمرتهم، تعريضا بهم، وهو المراد بقوله: "أنكم كذلك"، يعني: إذا لم تكونوا من زمرة المهتدين، فلا تكونوا من الهدى في شيء، على طريق الكناية.

قالوا: في قوله: "وما أنا من الهدى في شيء" في تفسير (ومَا أَنَا مِنَ المُهْتَدِينَ) نظر؛ لأن هذا الأسلوب في الآيات يوجب أن يكون المدخول ليس ممن له حظ قليل في ذلك الوصف، بل له حظوظ وافية، لا أنه غير محظوظ فيه، وفي السلب يوجب أن يكون المدخول ممن له حظ ما فيه.

قال في قوله: (إنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ القَالِينَ) [الشعراء: 168]: "قولك: فلان من العلماء أبلغ من قولك: فلان عالم، لأنك تشهد له بكونه معدوداً في زمرتهم، ومعروفة مساهمته لهم في العلم". وأجيب بأن إفادة معنى الاستغراق في نفي الهدى ليست من هذا القبيل، بل من قبيل كون قوله: (قَدْ ضَلَلْتُ إذًا ومَا أَنَا مِنَ المُهْتَدِينَ) جوابا وجزاءً لما دل عليه قوله: (قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهُوَاءَكُمْ) على سبيل التعريض، كأنه قيل: إن اتبعت أهواءكم قد ضللت إذن، وكنت مثلكم متوغلاً في الضلال منغمساً فيه، ولا أكون من الهدى في شيءٍ كما أنتم عليه، وفيه أني من زمرة المهتدين، ولي مساهمته معروفة في الهداية. ومن ثم أتبعه بقوله: (إنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ) أي: بينة لا يقدر قدرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015