(أَهؤُلاءِ) الذين (مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا) أي: أنعم عليهم بالتوفيق لإصابة الحق ولما يسعدهم عنده من دوننا، ونحن المقدمون والرؤساء، وهم العبيد والفقراء، إنكاراً لأن يكون أمثالهم على الحق وممنونا عليهم من بينهم بالخير، ونحوه (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا) [القمر: 25]، (لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ) [الأحقاف: 11].

ومعنى "فتناهم ليقولوا ذلك": خذلناهم فافتتنوا، حتى كان افتتانهم سبباً لهذا القول، لأنه لا يقول مثل قولهم هذا إلا مخذولٌ مفتون.

(أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) أي: الله أعلم بمن يقع منه الإيمان والشكر فيوفقه للإيمان، وبمن يصمم على كفره فيخذله ويمنعه التوفيق.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أشار إلى فتنةٍ عظيمة مقدرة. قال القاضي: "ومثل ذلك الفتن - وهو اختلاف أحوال الناس في أمور الدنيا - {فَتَنَا {، ثم علله بقوله: {لِيَقُولُوا {.

وإليه الإشارة بقوله: "خذلناهم فافتتنوا حتى كان افتتانهم سبباً لهذا القول".

قال محيي السنة: " {فَتَنَا {: أراد: ابتلينا ابتلاء الغني بالفقير، والشريف بالوضيع، وذلك أن الشريف إذا نظر إلى الوضيع قد سبقه بالإيمان، امتنع من الإسلام بسببه - فكان فتنة له - فذلك قوله: {لِّيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنْ بَيْنِنَا {".

قوله: (خذلناهم فافتتنوا)، أي: وضع الافتتان موضع الخذلان، إطلاقاً لاسم المسبب على السبب، واللام في {لِيَقُولُوا {: لام "كي"، ولتقديره الخذلان علله بقوله: "لأنه لا يقول مثل قولهم هذا إلا مخذول"، بناءً على مذهبه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015