وقيل: كانوا يقترحون الآيات، فكان يورّ أن يجابوا إليها لتمادي حرصه على إيمانهم، فقيل له: إن استطعت ذلك فافعل، دلالةً على أنه بلغ من حرصه أنه لو استطاع ذلك لفعله حتى يأتيهم بما اقترحوا من الآيات لعلهم يؤمنون.
ويجوز أن يكون ابتغاء النفق في الأرض أو السلم في السماء هو الإتيان بالآية، كأنه قيل: لو استطعت النفوذ إلى ما تحت الأرض أو الرقي إلى السماء لفعلت، لعل ذلك يكون لك آية يؤمنون عندها.
وحذف جواب «إن» كما تقول: إن شئت أن تقوم بنا إلى فلانٍ نزوره.
(وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى) بأن يأتيهم بآيةٍ مُلجئة، ولكنه لا يفعل، لخروجه عن الحكمة، (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ): من الذين يجهلون ذلك ويرومون ما هو خلافه.
(إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ) يعني: أن الذين تحرص على أن يصدّقوك بمنزلة الموتى الذين لا يسمعون، وإنما يستجيب من يسمع، كقوله: (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) [النمل: 80].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (إن شئت أن تقوم بنا إلى فلانٍ نزوره). جوابه: "كان صواباً"، فدل متعلق ما في حيز الشرط به على أن الجواب ما هو. وكذلك تعلق {فَتَاتِيَهُم {بالشرط، يدل على أن الجزاء ما قدر، ولذلك ساغ حذفه.
قوله: (يجهلون ذلك)، أي: يجهلون أنه لا يفعل ذلك، لخروجه عن الحكمة. وفيه رمز إلى مذهبه.