المحصلون، وإذا عطلت وأضيعت، كانت كالشئ الكاسد الذي لا يرغب فيه. أو التجلد والتشمر لأدائها. وأن لا يكون في مؤدّيها فتور عنها ولا توانٍ، من قولهم: قام بالأمر، وقامت الحرب على ساقها. وفي ضدّه: قعد عن الأمر، وتقاعد عنه - إذا تقاعس وتثبط - أو أداؤها، فعبر عن الأداء بالإقامة لأنّ القيام بعض أركانها،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أو التجلد والتشمر)، فعلى الوجوه "يقيمون" مسندٌ إلى المصلي، وعلى هذا الوجه مسندٌ إلى الصلاة باعتبار أن المصلي إذا أقام الصلاة كانت هي قائمةً على نحو: نهاره صائمٌ وليله قائم؛ ألا ترى إلى قوله: "وأن لا يكون في مؤديها فتور" فإنه لا يقال: نهاره صائم إلا لمن صام الدهر كله، ولا ليله قائم، إلا لمن لا ينام فيه، وكذا قوله: "قامت الحرب على ساقها" من الإسناد المجازي؛ لأنه نحو قوله تعالى: (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) [محمد: 4].

قوله: (وتثبط)، الجوهري: ثبطه عن الأمر تثبيطاً: شغله عنه.

قوله: (أو أداؤها)، أي: معنى إقامة الصلاة: أداؤها. فعبر عن الأداء بالإقامة؛ لأن القيام بعض أركانها، فإذن المراد بالإقامة إيجاد فعل القيام ليصح تعليله بقوله: "لأن القيام بعض أركانها".

وتحرير هذا المقام، أن قوله: (يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ) ليس على ظاهره؛ فهو إما استعارةٌ تبعيةٌ، أو كنايةٌ عن الدوام من: قامت السوق، إذا راجت ونفقت؛ لأن نفاقها مشعرٌ بتوجه الرغبات إليها، وهو يدل على المحافظة وهي على الدوام، أو مجازٌ في الإسناد، بمعنى يجعلون الصلاة قائمةً؛ فيفيد التجلد والتشمر، وأنها مؤداةٌ على وفور رغبةٍ ومزيد نشاطٍ كقولهم: قامت الحرب على ساقها، أو بمعنى: يوجدون قيامها، أي: يقومون فيها، فأسند القيام إليها على المجاز، فيفيد أنهم يؤدونها من باب إطلاق معظم الشيء على كله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015