فمعناه: إباحة السير في الأرض للتجارة وغيرها من المنافع وإيجاب النظر في آثار الهالكين. ونبه على ذلك بـ (ثم)، لتباعد ما بين الواجب والمباح.

[(قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)].

(لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) سؤال تبكيت،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (إباحة السير في الأرض للتجارة ... ، وإيجاب النظر). يريد: الأمر على الأول واحد مقيد، وعلى الثاني شيئان: فالأول مباح، والثاني واجب، بدلالة {ثم {.

قال صاحب "التقريب": "إنما لم يحمل على التراخي، وعدل إلى المجاز، إذ واجب النظر في آثار الهالكين حقه ألا يتراخي عنه السير".

وقلت: يمكن أن يأمرهم بالسير أولاً، وبالنظر ثانياً على الوجوب، ويكون الثاني أعلى رتبة، لأن الكلام مع المنكرين، كما تقول: "توضأ ثم صل"، والآية مع الفاء متضمنة للتنبيه على الغفلة، أو للتوبيخ على التغافل، ومع "ثم" للتعبير على التواني والتقاعد. وإلى الأول الإشارة بقوله: "ولا تسيروا سير الغافلين".

الراغب: "قيل: حث على السياحة في الأرض بالجسم، وقيل: على إجالة الفكر، ومراعاة أحواله، كما روي في وصف الأنبياء عليهم السلام: أبدانهم في الأرض سائرة، وقلوبهم في الملكوت جائلة".

قوله: (سؤال تبكيت)، الأساس: "ومن المجاز: بكته بالحجة، أي: غلبه. وبكته: ألزمه ما عيي بالجواب عنه".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015