وأمّا تعديته بالباء فلتضمينه معنى أقرّ وأعترف. وأمّا ما حكى أبو زيد عن العرب: ما آمنت أن أجد صحابة - أى ما وثقت - فحقيقته: صرت ذا أمن به، أى ذا سكون وطمأنينة، وكلا الوجهين حسن في (يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) أى يعترفون به أو يثقون بأنه حق. ويجوز أن لا يكون (بالغيب) صلة للإيمان، وأن يكون في موضع الحال؛

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويقال: مؤمنٌ، ويعنى به أنه يسكن قلبه إلى الله تعالى من غير أن يلتفت إلى شيءٍ من العوارض الدنيوية، وغيان عنى بقوله: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) الآية [الأنفال: 2].

قوله: (أما تعديته بالباء)، هذا على تقدير السؤال والجواب؛ يعني إذا كان حقيقة الإيمان منقولةً من "أمِنَ" فما باله عُدي بالباء ولم يُعد بنفسه كما سبق؟ فأجاب: إن تعديته بالباء من باب التضمين.

قال ابن جني: لو جمعت تضمينات العرب لاجتمعت مجلدات.

قال المصنف: من شأنهم أنهم يضمنون الفعل معنى فعلٍ آخر، فيجرونه مجراه، ويستعملونه استعماله.

وقلت: ولو زيد مع إرادة معنى المضمن كان أحسن، كما تقول: أحمدُ إليك فلاناً، أي: أُنهي إليك حمد فلانٍ. قال في "سورة الكهف": الغرض في التضمين إعطاء مجموع معنيين، وذلك أقوى من إعطاء معنى.

قوله: (وأما ما حكى أبو زيدٍ)، قال الأنباري: هو سعيد بن أوسٍ الأنصاري البصري، وكان سيبويه إذا قال: سمعت الثقة، أراد به أبا زيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015