كما عظم قتل النفس بقوله: (فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) [المائدة: 32].

والثاني: أن يراد: فإن لم تفعل فلك ما يوجبه كتمان الوحى كله من العقاب فوضع السبب موضع المسبب، ويعضده قوله عليه الصلاة والسلام: «فأوحى اللَّه إلىّ إن لم تبلغ رسالاتي عذبتك».

(وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ): عدةٌ من اللَّه بالحفظ والكلاءة. والمعنى: واللَّه يضمن لك العصمة من أعدائك، فما عذرك في مراقبتهم؟ فإن قلت: أين ضمان العصمة وقد شجّ في وجهه يوم أحد وكسرت رباعيته صلوات اللَّه عليه؟ قلت: المراد أنه يعصمه من القتل.

وفيه: أن عليه أن يحتمل كل ما دون النفس في ذات اللَّه، فما أشد تكليف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

وقيل: نزلت بعد يوم أحدٍ، و (الناس): الكفار؛ بدليل قوله:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (كما عظم) صفة مصدر محذوف من غير لفه، كأنه قال: عظم ترك تبليغ البعض تعظيماً مثل تعظيم قتل النفس.

قوله: (في ذات الله) أي: في الله، عن البخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة منهم خبيب الأنصاري، فأسر ولما خرج المشركون به من الحرم ليقتلوه، قال:

ولست أبالي حين أقتل مسلماً ... على أي شق كان لله مصرعي

وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع

قوله: (وقيل: نزلت بعد يوم أحد) عطف على قوله: "والله يضمن لك العصمة من أعدائك"، وعلى الأول: العصمة عامة في كل الأحوال، خاصة من حيث إرادة العصمة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015