فهؤلاء ليسوا من أهل الكتاب. وأما المجوس فقد سُنّ بهم سنة أهل الكتاب في أخذ الجزية منهم دون أكل ذبائحهم ونكاح نسائهم. وقد روي عن أبي المسيب أنه قال: إذا كان المسلم مريضاً فأمر المجوسي أن يذكر اسم اللَّه ويذبح، فلا بأس. وقال أبو ثور: وإن أمره بذلك في الصحة فلا بأس وقد أساء.
(وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) فلا عليكم أن تطعموهم، لأنه لو كان حراماً عليهم طعام المؤمنين لما ساغ لهم إطعامهم. (والْمُحْصَناتُ): الحرائر، أو العفائف. وتخصيصهن بعث على تخير المؤمنين لنطفهم. والإماء من المسلمات يصح نكاحهن بالاتفاق، وكذلك نكاح غير العفائف منهن، وأما الإماء الكتابيات؛ فعند أبي حنيفة: هن كالمسلمات، وخالفه الشافعي. وكان ابن عمر لا يرى نكاح الكتابيات ويحتج بقوله (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ) [البقرة: 221] ويقول: لا أعلم شركاً أعظم من قولها: إن ربها عيسى. وعن عطاء: قد أكثر اللَّه المسلمات،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وكان ابن عمر لا يرى نكاح الكتابيات)، الراغب: وإذا سُئل عن ذلك يقرأ: {وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]، ويقول في قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} أي: من الذين كانوا منهم وأسلموا، كقوله تعالى: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} [آل عمران: 113]، وغيره حمل قوله: {وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] على أهل الأديان والمجوس، وأكد ذلك بقوله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22]، والنكاح يقتضي المودة، كقوله: {خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21]، وقال من جوز التزوج بهن: إن المودة المنهي عنها هي المودة الدينية، وأما المودة الزوجية فهي غير محظورة.