. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والجواب: أن المتابعة عبارة عن الإتيان بمثل فعل الغير؛ فإذا كان من شأن غير المؤمنين أن لا يقتدوا في أفعالهم بالمؤمنين، فكل من لم يتبع من المؤمنين سبيل المؤمنين فقد أتى بفعل غير المؤمنين واقتفى أثرهم؛ فوجب أن يكون متبعاً لهم.
قال القاضي: إذا كان اتباع غير سبيلهم محرماً كان اتباع سبيلهم واجباً؛ لأن ترك إتباع سبيلهم ممن عرف سبيلهم اتباع غير سبيلهم.
وقلتُ: فإن قيل: الوعيد مرتبٌ على الكل، كقولك: إن دخلت الدار وكلمت زيداً فأنت طالق؛ فأجيب أن الوعيد مرتبٌ على كل واحد من المشاقة واتباع غير سبيل المؤمنين؛ لأن المشاقة وحدها مستقلة في اقتضاء الوعيد، فيكون ذكر اتباع غير سبيل المؤمنين لغواً. فإن قيل: إن المعطوف عليه مقيد بتبين الهدى فلزم في المعطوف ذلك، فإذاً لم يكن في الإجماع فائدة؛ لأن الهدي عامٌ لجميع الهداية، ومنها دليل الإجماع، وإذا حصل الدليل لم يكن للمدلول فائدة. وأجيب: أن المراد بالهداية: الدليل على التوحيد والنبوة؛ فالمعنى: مخالفة المؤمنين بعد دليل التوحيد والنبوة حرام، فيكون الإجماع مقيداً في الفروع بعد تبين الأصول.
وقال الراغب: لا حجة في الآية على ثبوت الإجماع؛ لأن المراد بقوله: {الْمُؤْمِنِينَ} الإيمان لا ذووه، فكل موصوف عُلق به حكم، نحو أن يُقال: اسلك سبيل الصائمين والمصلين؛ يعني بذل الحث على الاقتداء بهم في الصلاة والصيام، لا في فعل آخر، وكذا إذا قيل: {سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} يعني به سبيلهم في الإيمان لا غير. وقلت: المراد من {سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} سبيل الجامعين لكل فضيلة ومنقبة؛ لأن ذكره هاهنا للمدح لا للعلة، وكونهم متبعين مقتدين بدليل قوله: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}، ويعضده قضية النظم؛ وذلك أن الطائفة الذين جادلوا عن طعمة هموا بأن يُزلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق العدل مع علمهم بأن الجاني هو صاحبهم، لولا أن تداركه فضل الله ورحمته بان أنزل عليه الكتاب والحكمة