ومقارعين، (وَقُعُوداً): جاثين على الركب مرامين، (وَعَلى جُنُوبِكُمْ): مثخنين بالجراح. (فَإِذَا اطْمَانَنْتُمْ) حين تضع الحرب أوزارها وأمنتم (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) فاقضوا ما صليتم في تلك الأحوال التي هي أحوال القلق والانزعاج. (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً): محدوداً بأوقاتٍ لا يجوز إخراجها عن أوقاتها على أي حالٍ كنتم: خوف أو أمن. وهذا ظاهرٌ على مذهب الشافعي رحمه اللَّه في إيجابه الصلاة على المحارب في حالة المسايفة والمشي والاضطراب في المعركة إذا حضر وقتها، فإذا اطمأن فعليه القضاء. وأما عند أبي حنيفة رحمه اللَّه فهو معذور في تركها إلى أن يطمئن. وقيل: معناه: فإذا قضيتم صلاة الخوف فأديموا ذكر اللَّه مهللين مكبرين مسبحين داعين بالنصرة والتأييد في كافة أحوالكم من قيام وقعود واضطجاع، فإن ما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (مثخنين بالجراح). النهاية: الإثخان في الشيء: المبالغة فيه والإكثار منه، يقال: أثخنه المرض، أي: أثقله ووهنه.

قوله: (وهذا ظاهر على مذهب الشافعي)؛ وذلك أن الاستئناف بقوله: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} كالتعليل للأمر بإتيان الصلاة كيفما كان؛ ففيه تحديد للوقت وتعيينه، فيجب أن يكون وقت وجوبه حينئذٍ.

قوله: (فإذا اطمأن فعليه القضاء) هذا ليس بالمذهب لقوله: وقضى المختلة دون عذر عام إلى قوله: أو مباح قتال.

قوله: (وقيل: معناه: فإذا قضيتم صلاة الخوف فأديموا) عطفٌ على قوله: "فإذا صليتم" فالفاعل الأول مثله في قوله: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [البقرة: 54]؛ لأن الذكر حينئذٍ غير الصلاة، كما أن القتل غير التوبة لقوله: "فصلوها قياماً مسايفين" إلى آخره، وعلى هذا الذكر غير الصلاة، وهذا الوجه موافق لمذهب الشافعي رضي الله عنه؛ لقوله: "فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة فأتموها".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015