وهذا ترغيب للمؤمنين في الطاعة؛ حيث وعدوا مرافقة أقرب عباد اللَّه إلى اللَّه وأرفعهم درجات عنده (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وهذا ترغيبٌ للمؤمنين في الطاعة حيث وعدوا مرافقة أقرب عباد الله إلى الله تعالى وأرفعهم درجاتٍ عنده). الراغب: قيل: قسم الله تعالى عباده في هذه الآية أربعة أقسام، وجعل لهم أربعة منازل بعضها دون بعض، وحث كافة الناس أن لا يتأخروا عن منزلٍ واحدٍ منهم:
الأول: هم الأنبياء الذين تمدهم قوةٌ إلهية، ومثلهم كمن يرى الشيء عياناً من قريب ولذلك قال تعالى في صفة نبينا صلى الله عليه وسلم: (أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى) [النجم: 12].
والثاني: الصديقون، وهم الذين يتأخرون عن الأنبياء في المعرفة، ومثلهم كمن يرى الشيء عياناً من بعيد، وإياه عنى عليٌّ رضي الله عنه حيث قيل له: هل رأيت الله؟ فقال: ما كنت لأعبد ربًّا لم أره! ثم قال: لم تره العيون بشواهد العيان، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان.
والثالث: الشهداء، وهم الذين يعرفون الشيء بالبراهين، ومثلهم كمن يرى الشيء في المرآة من مكان قريب، كحال حارثة حيث قال: كأني انظر إلى عرش ربي بارزاً، وإياه قصد النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: ((اعبد الله كأنك تراه)).
الرابع: الصالحون، وهم الذين يعملون الشيء بالتقليد، ومثلهم كمن يرى الشيء من بعيدٍ في مرآة، وإياه قصد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))، أي: كن من الشهداء بما تكتسبه من العلم والعمل الصالح، فإن لم تكن منهم فكن من الصالحين.