أو على التشبيه بالشيطان، والتسمية باسمه؛ أو جعل اختيار التحاكم إلى غير رسول اللَّه على التحاكم إليه تحاكماً إلى الشيطان، بدليل قوله: (وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ).

وقرئ (بما أنزل)، و (ما أنزل) على البناء للفاعل. وقرأ عباس بن الفضل: (أن يكفروا بها) ذهاباً بالطاغوت إلى الجمع، كقوله: (أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ) [البقرة: 257]. وقرأ الحسن (تعالوا) بضم اللام، على أنه حذف اللام من تعاليت تخفيفاً، كما قالوا: ما باليت به بالة، وأصلها بالية، كعافية، وكما قال الكسائي في: "آية": إن أصلها «آيية» فاعلة، فحذفت اللام، فلما حذفت وقعت واو الجمع بعد اللام، من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أو على التشبيه) عطفٌ على قوله: ((لإفراطه في الطغيان)) من حيث المعنى، وقوله: ((أو جعل اختيار التحاكم)) عطفٌ على قوله: ((الطاغوت: كعب بن الأشرف))، يعني: الطاغوت، يجوز أن يراد به كعب بن الأشرف لطغيانه؛ سمي به إما مراعاةً لوجه التناسب بين الاسم والمسمى، أو على التشبيه بالشيطان واستعارة اسمٍ له كتسمية الرجل بالأسد؛ لما وجد فيه من الخداع [والجريرة] كالشيطان، وأن يراد به الشيطان نفسه، فيكون حكماً عامًّا فمن يختار التحاكم إلى غير الرسول صلى الله عليه وسلم، فيدخل فيه كعب بن الأشرف دخولاً أولياً، وينصر هذا الوجه إيقاع قوله: (وقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ) حالاً من الضمير المرفوع في (يَتَحَاكَمُوا) وإيراد قوله: (ويُرِيدُ الشَّيْطَانُ) عطفاً على الحال، أو حالاً من الضمير المرفوع في (يَكْفُرُوا)، والشيطان مظهرٌ وضع موضع المضمر، وعلى الوجهين الأولين لا يلتئم هذا الالتئام؛ لأنهم إنما أمروا أن يكفروا بالشيطان لا بكعبٍ في قوله تعالى: (فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ ويُؤْمِنْ بِاللَّهِ [البقرة: 256].

قوله: (وقرأ عباس بن الفضل). في ((أسماء الرجال)) للذهبي: هو عباس بن الفضل الأنصاري المقرئ بالموصل، ولي القضاء، وهو واهي الحديث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015