فشبهت بأوسع ما علمه الناس من خلقه وأبسطه. وخص العرض؛ لأنه في العادة أدنى من الطول؛ للمبالغة، كقوله: (بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ) [الرحمن: 54]. وعن ابن عباس رضي اللَّه عنه: كسبع سموات وسبع أرضين لو وصل بعضها ببعض (فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ): في حال الرخاء واليسر وحال الضيقة والعسر، لا يخلون بأن ينفقوا في كلتا الحالتين ما قدروا عليه من كثير أو قليلـ كما يحكي عن بعض السلف: أنه ربما تصدّق ببصلة. وعن عائشة رضي اللَّه عنها: أنها تصدّقت بحبة عنبـ أو في جميع الأحوال؛ لأنها لا تخلو من حال مسرة ومضرّة، لا تمنعهم حال فرح وسرور، ولا حال محنة وبلاء، من المعروف. وسواء عليهم كان الواحد منهم في عرس أو في حبس، فإنه لا يدع الإحسان، وافتتح بذكر الإنفاق؛ لأنه أشق شيء على النفس وأدله على الإخلاص؛ ولأنه كان في ذلك الوقت أعظم الأعمال؛ للحاجة إليه في مجاهدة العدو ومواساة فقراء المسلمين.

كظم القربة: إذا ملأها وشد فاها، وكظم البعير: إذا لم يجتر. ومنه كظم الغيظ، وهو أن يمسك على ما في نفسه منه بالصبر ولا يظهر له أثرا. وعن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم» من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملأ اللَّه قلبه أمنا وإيماناً» وعن عائشة رضي اللَّه عنها: أن خادماً لها غاظها فقالت: للَّه درّ التقوى، ما تركت،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (بأوسع ما علمه الناس): تنبيه أن ذلك مما لا يقاس بشيء، ولكن ذهب فيه إلى المذهب المتعارف، على نحو قوله: (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ) [هود: 107].

قوله: (كقوله تعالى: (بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ) [الرحمن: 54]) قال: من ديباج ثخين، وإذا كانت البطائن من الإستبرق فما ظنك بالظهائر؟

قوله: (إذا لم يجتر)، الجوهري: اجتر البعير: من الجرة، وكل ذي كرش مجتر.

قوله: (من كظم غيظاً)، الحديث من رواية الترمذي وأبي داود وابن ماجة، عن سهل ابن سعد، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من كظم غيظاً وهو يقدر أن ينفذه دعاه الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015