مع امتناع قولك: أنا زيداً مثل ضارب، لأنه بمنزلة قولك: أنا زيداً لا ضارب. وعن عمر وعلي رضي الله عنهما أنهما قرآ: (وغير الضالين).
وقرأ أيوب السختياني: (ولا الضالين) بالهمزة، كما قرأ عمرو بن عبيد: (ولا جأن) [الرحمن: 39، 56، 74]، وهذه لغة من جد في الهرب من التقاء الساكنين،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (مع امتناع قولك: أنا زيداً مثل ضارب)، قال الزجاج: النحويون يجوزون أنت زيداً غير ضارب، ولا يجوزون: أنت زيداً مثل ضارب؛ لأن زيداً من صلة ضارب فلا يتقدم عليه. تم كلامه. وذلك أن وقوع المعمول فيما لا يقع فيه عامله ممتنع فامتنع قولك: أنا زيداً مثل ضارب؛ لأن "مثل" مضاف إلى ضارب و"زيداً" معموله، فكما لا يجوز تقدم ضارب على المثل لأنه مضاف إليه للمثل، لا يجوز تقدم "زيداً" عليه. وقولك: أنا زيداً غير ضارب، إنما يجوز؛ لأن "غير" لما كان متضمناً معنى النفي، كان بمنزلة: أنا زيداً لا ضارب، والإضافة في "غير" كلا إضافة.
قوله: (أيوب السختياني)، قال صاحب "الجامع": هو أيوب بن أبي تميمة السختياني كان إماماً ثقة ثبتاً حجة ورعاً، أتى أنساً، وسمع الحسن وابن سيرين. السختياني بسكون الخاء المعجمة وكسر التاء فوقها نقطتان وبالنون، منسوب إلى السختيان: وهي الجلود.
قوله: (جد في الهرب)؛ لأن التقاء الساكنين فيما إذ كان أولهما حرف لين والثاني مدغماً فيه مغتفر، فإذا هرب عن هذا الجائز فقد جد في الهرب.