ثم قال (إنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) يمددكم بأكثر من ذلك العدد (مسوّمين) للقتال. (وَيَاتُوكُمْ) يعنى: المشركين (مِنْ فَوْرِهِمْ هذا): من قولك: قفل من غزوته، وخرج من فوره إلى غزوة أخرى، وجاء فلان ورجع من فوره. ومنه قول أبي حنيفة رضي الله عنه: الأمر على الفور لا على التراخي. وهو مصدر من: فارت القدر، إذا غلت، فاستعير للسرعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ثم قال: (إِنْ تَصْبِرُوا))، ويروى: (وإن تصبروا وتتقوا) بالواو، قيل: أتى بالعاطف مع أنه ليس في التنزيل ليؤذن بأنها مرادة، وإن لم تكن ملفوظة، إذ المعنى: بلى يكفيكم الإمداد بثلاثة آلاف، وإن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم بأكثر من ذلك.

قلت: هذا غير مرضي، فإن التنزيل إن اقتضى العاطف فلا يجوز تركها، ولكن هذا ابتداء وعد واستئناف كلام آخر وارد على الشرط والجزاء مقيد بقيد الصبر والتقوى والزيادة في المدد وسرعة الظفر، والكلام السابق وارد على الرد على ما اعتقدوه وإنكار أن لا يكفيهم الإمداد بهذا العدد، فيكون كالتوطئة للوعد، ولهذا قال: "ثم قال: إن تصبروا" بـ "ثم" ليدل على أن بين الكلامين تراخياً من حيث المعنى، فإذاً لا مجال لتوسيط الواو.

وقال القاضي: (بَلَى): إيجاب لما بعد "لن"، أي: بلى يكفيكم، ثم وعد لهم الزيادة على الصبر والتقوى حثاً عليهما وتقوية لقلوبهم. تم كلامه.

وإذا لم يكن الكلام الأول كالتوطئة لم يصح قوله: "قاله لهم مع اشتراط الصبر والتقوى عليهم، فلم يصبروا عن الغنائم"، وعلى ما قال الزاعم: المعنى: إن لم تصبروا يمددكم بثلاثة آلاف، وإن صبرتم واتقيتم يمددكم بخمسة آلاف.

قوله: (قفل) أي: رجع، "ولا تعريج": ولا إقامة، "لا ريث": لا بطء.

قوله: (فاستعير للسرعة)، الراغب: الفور: شدة الغليان، ويقال ذلك في النار نفسها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015