وقال لهم: «انضحوا عنا بالنبل لا يأتونا من ورائنا» (تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ): تنزلهم.

وقرأ عبد اللَّه للمؤمنين، بمعنى: تسوي لهم وتهيئ. (مَقاعِدَ لِلْقِتالِ): مواطن ومواقف، وقد اتسع في "قعد وقام" حتى أجريا مجرى "صار". واستعمل المقعد والمقام في معنى المكان. ومنه قوله تعالى: (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) [القمر: 55]، (قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ) [النمل: 39]: من مجلسك وموضع حكمك. (وَاللَّهُ سَمِيعٌ) لأقوالكم (عليم) بنياتكم وضمائركم (إِذْ هَمَّتْ) بدل من (إِذْ غَدَوْتَ) أو عمل فيه معنى (سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ......

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأبي داود عن البراء: عبد الله بن جبير، قال صاحب "الجامع": هو عبد الله بن جبير بن النعمان الأنصاري، جبير: بضم الجيم والباء الموحدة.

قوله: (وقال لهم: انضحوا عنا بالنبل) أي: ادفعوا، النهاية: أنه صلى الله عليه وسلم قال للرماة يوم أحد: "انضحوا عن الخيل، لا نؤتى من خلفنا"، أمرهم بالثبات، يقال: نضحوهم بالنبل: إذا رموهم.

قوله: (عمل فيه معنى (سَمِيعٌ عَلِيمٌ)) قيل: لم يقل: عمل سميع عليم؛ لأن الصفة المشبهة لا تكون في الأفعال المتعدية، ويلزم منه أن ينتصب مفعولاً به، كأنه قيل: والله يعلم إذ همت طائفتان، ويمكن أن يقال: إن قوله: (إِذْ هَمَّتْ) إذا أبدل من (وَإِذْ غَدَوْتَ) تبقى الصفتان على إطلاقهما فيحملان على الأصل، والذهاب إلى أنهما صفتان مشبهتان، وإذا جعل معمولاً لهما وجب أن يذهب إلى أنهما اسما الفاعل على المبالغة، وأما معنى قوله: "عمل فيه معنى (سَمِيعٌ عَلِيمٌ) " فهو أن الأصل في العمل الفعل، وأنهما إن عملا لما فيهما من معناه، قال في قوله: (إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ) [إبراهيم: 39]: "ذكر سيبويه فعيلاً في جملة أبنية المبالغة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015