(قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ): قد تميز الإيمان من الكفر بالدلائل الواضحة. (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ) فمن اختار الكفر بالشيطان أو الأصنام والإيمان باللَّه (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) من الحبل الوثيق المحكم المأمون انفصامها، أي: انقطاعها، وهذا تمثيل للمعلوم بالنظر والاستدلال بالمشاهد المحسوس حتى يتصوّره السامع كأنه ينظر إليه بعينه فيحكم اعتقاده والتيقن به. وقيل: هو إخبار في معنى النهى، أي: لا تتكرهوا في الدين، ثم قال بعضهم: هو منسوخ بقوله: (جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) [التوبة: 73]. وقيل: هو في أهل الكتاب خاصة لأنهم حصنوا أنفسهم بأداء الجزية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وعرانين الناس: ساداتهم، روي أن المنصور الدوانيقي قال لسفيان بن معاوية المهلبي: ما أسرع الناس إلى قومك؟ فأنشد البيت. وهذا تعصب بمجرد التشهي.

قوله: (قد تميز الإيمان من الكفر) فسر الرشد والغي بهما لتقدم ذكر الدين، الراغب: الغي: كالجهل، إلا أن الجهل يقال اعتباراً بالاعتقاد، والغي اعتباراً بالأفعال، ولهذا قيل: زوال الجهل بالعلم وزوال الغي بالرشد، ويقال لمن أصاب: رشد، ولمن أخطأ: غوي، وعلى هذا قال:

ومن يغو لم يعدم على الغي لائما

قوله: (وقيل: هو إخبار في معنى النهي): معطوف على قوله: "لم يجر الله أمر الإيمان".

قوله: (وقيل: هو في أهل الكتاب خاصة): معطوف من حيث المعنى على قوله: "قال بعضهم"، أي: هو عام في جميع الكفار، فيكون منسوخاً؛ لأنه وجد الإكراه بقوله: (جَاهِدْ الْكُفَّارَ) [التوبة: 73] (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) [التوبة: 5]، أو هو خاص في أهل الكتاب فلم يكن منسوخاً لأنه لم يوجد القتال؛ لأنهم حصنوا أنفسهم بأداء الجزية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015