فقال: (وَالْكافِرُونَ) للتغليظ، كما قال في آخر آية الحج: (ومَنْ كَفَرَ) [آل عمران: 97] مكان ومن لم يحج؛ ولأنه جعل ترك الزكاة من صفات الكفار في قوله: (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ* الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) [فصلت: 6]. وقرئ: (لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة) بالرفع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ) [البقرة: 123]، ولما كانت العدالة بالقول المجمل ثلاثاً: عدالة بين الإنسان ونفسه، وعدالة بينه وبين الناس، وعدالة بينه وبين الله تعالى، فكذلك للظلم مراتب ثلاثة، وأعظم العدالة ما بين الإنسان وبين الله تعالى، وهو: الإيمان، وأعظم الكفر ما يقابله، ولذلك قال: (وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ)، أي: هم المستحقون لإطلاق هذا الوصف عليهم بلا مثنوية، ولما نفى أن يكون للكفار شيء مما ذكره في الآخرة، بين أن ذلك ليس لظلم منه لهم، لكن هم الظالمون، ليس مجازاً كما قيل بل كناية أنهم الذين خسروا أنفسهم.
قوله: (ولأنه جعل ترك الزكاة من صفات الكفار): عطف على قوله: "للتغليظ"، فعلى هذا (وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ) ليس مجازاً كما قيل، بل كناية وتعريض بالمؤمنين وبعث لهم على أداء الزكاة وتخويف شديد من منعها، أي: الكافرون هم المتصفون بترك الزكاة، فاجتنبوا أيها المؤمنون من أن تتصفوا به، وعليه قوله تعالى: (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ* الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) [فصلت: 7 - 8]، والمشرك لا يوصف بمنع الزكاة، لكن حث المؤمنين على الأداء، وتخويف من المنع حيث جعله من أوصاف المشركين، وعلى التغليظ ورد قوله: (وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ)، أي: التاركون الزكاة هم الظالمون، فهو مجاز باعتبار ما يؤول؛ سمى المؤمنين عند مشارفتهم لاكتساء لباس الكفر الذي هو منع الزكاة: كفاراً للتغليظ، وعليه قوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 97]، أي: ومن لم يحج، وليس أن من ترك الحج من غير جحد صار كافراً لكن سمي كافراً للتغليظ.
قوله: (وقرئ: (لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ)) ابن كثير وأبو عمرو: بالفتح، على الأصل، والباقون: بالرفع والتنوين.