أي: ابعثه لنا مقدّرين القتال؛ أو استئناف، كأنه قال لهم: ما تصنعون بالملك؟ فقالوا: نقاتل. وقرئ: (يقاتل) بالياء والجزم على الجواب، وبالرفع على أنه صفة لـ (ملكاً) وخبر (عسيتم): (أَلَّا تُقاتِلُوا)، والشرط فاصل بينهما. والمعنى: هل قاربتم أن لا تقاتلوا؟ يعني: هل الأمر كما أتوقعه أنكم لا تقاتلون؟ أراد أن يقول: عسيتم أن لا تقاتلوا، بمعنى: أتوقع جبنكم عن القتال، فأدخل "هل" مستفهماً عما هو متوقع عنده ومظنون.

وأراد بالاستفهام التقرير، وتثبيت أنّ المتوقع كائن، وأنه صائب في توقعه، كقوله تعالى: (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) [الإنسان: 1]، معناه التقرير. وقرئ (عسيتم) بكسر السين، وهي ضعيفة. (وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ): وأي: داعٍ لنا إلى ترك القتال؟ وأي: غرض لنا فيه (وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا)؟ ! وذلك أنّ قوم جالوت كانوا يسكنون ساحل بحر الروم بين مصر وفلسطين،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أراد أن يقول: عسيتم أن لا تقاتلوا)، يعني: أن نبي الله كان يظن ويتوقع أنهم لا يقاتلون بما شاهد منهم من أمارات التثاقل والتثبط، ثم لما قويت تلك الأمارات وعلم أن متوقعه كائن أدخل "هل" على سبيل التقرير، ولما كان "هل" في الأصل سؤالاً عن النسبة، فإذا وجدت النسبة أفادت التقرير والتثبيت قال: "إن المتوقع كائن، وإنه صائب في توقعه ... وقرئ بكسر السين، وهي ضعيفة"، قرأها نافع، قال في "الكواشي": يقال: عسي كعمي، واسم الفاعل: عس كعم، عن ابن الأعرابي. فإن قيل: أليس موضع قوله: (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا) بعد قوله: (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً)؟ قلت: لا؛ لأن ورود قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ) للتعجب من قبائح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015