فإن قلت: ما معنى قوله: (فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا)؟ قلت: معناه فأماتهم، وإنما جيء به على هذه العبارة للدلالة على أنهم ماتوا ميتة رجل واحد بأمر اللَّه ومشيئته، وتلك ميتة خارجة عن العادة، كأنهم أمروا بشيء فامتثلوه امتثالا من غير إباء ولا توقف، كقوله تعالى: (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [يس: 82]، وهذا تشجيع للمسلمين على الجهاد والتعرض للشهادة، وأنّ الموت إذا لم يكن منه بدٌّ ولم ينفع منه مفر، فأولى أن يكون في سبيل اللَّه (لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ)؛ حيث يبصرهم ما يعتبرون به ويستبصرون، كما بصر أولئك، وكما بصركم باقتصاص خبرهم. أو لذو فضل على الناس حيث أحيى أولئك ليعتبروا فيفوزوا، ولو شاء لتركهم موتى إلى يوم البعث. والدليل على أنه ساق هذه القصة بعثاً على الجهاد: ما أتبعه من الأمر بالقتال في سبيل اللَّه. (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ) يسمع ما يقوله المتخلفون والسابقون ........

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بشأنهم، وأجاب الإمام: أن كونهم مؤتلفين أيضاً كذلك، لأن كونهم مؤتلفين يقتضي الاهتمام أيضاً، بمعنى أنهم مع غاية المحبة والألف أماتهم الله تعالى.

قوله: ((إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً)) هذا مبني على أن ليس ثمة أمر ولا قول، بل هو تمثيل شبه حال تعلق إرادة [الله] تعالى بموتهم دفعة واحدة، وكما تعلقت إراداته حصل المراد بلا مهلة- بحالة أمر مطاع برد أمره على ما هو مطيع، فلم يتوقف عن الامتثال، ثم أخرجه مخرج الاستعارة فإذا تخلف رجل منهم لم يحصل الامتثال، وهو المراد من قوله: "ماتوا ميتة رجل واحد".

قوله: (ما يقوله المتخلفون والسابقون) أي: من تنفير الغير عن الجهاد وترغيب الغير في الجهاد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015