(أَلَمْ تَرَ) تقرير لمن سمع بقصتهم من أهل الكتاب وأخبار الأوّلين، وتعجيب من شأنهم. ويجوز أن يخاطب به من لم ير ولم يسمع، لأنّ هذا الكلام جرى مجرى المثل في معنى التعجيب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أَلَمْ تَرَ) تقرير لمن سمع بقصتهم)، الراغب: "رأيت" يتعدى بنفسه دون الجار، لكن لما استعير قولهم: "ألم تر" لمعنى: ألم تنظر؟ عدي تعديته، وفائدة استعارته أن النظر قد يتعدى عن الرؤية، فإذا أريد الحث على نظر ناتج لا محالة للرؤية استعيرت له، وقلما استعمل ذلك في غير التقدير، ولا يقال: رأيت إلى كذا.

قوله: (ويجوز أن يخاطب) عطف على قوله: "تقرير لمن سمع بقصتهم"، وهو أوفق من الأول لتأليف النظم، لأن الكلام مع المؤمنين في شأن الأزواج والأولاد، وقوله: (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)، كالتخلص من الأحكام إلى القصص لاشتمال معنى الآيات عليها، يؤيده قوله بعد هذا: "وهذا تشجيع للمسلمين على الجهاد"، وذكر الجهاد ها هنا كذكر الصلاة قبل ذلك تدرجاً من الجهاد الأكبر إلى الجهاد الأصغر. قال الزجاج: وفي ذكرها للنبي صلى الله عليه وسلم احتجاج على مشركي العرب وأهل الكتاب؛ لأنه أنبأ أهل الكتاب بما لا يدفعون صحته وهو صلى الله عليه وسلم لم يقرأ كتاباً ولا تعلم من أحد، وهم يعلمون أنه كذلك، فلا تكون هذه الأقاصيص إلا بوحي من الله تعالى.

قوله: (لأن هذا الكلام جرى مجرى المثل) تعليل لجواز استعمال (أَلَمْ تَرَ) في غير من سمع على تقدير سؤال، وذلك أن (أَلَمْ تَرَ) إذا خوطب به من نظر إلى حال أو سمع قصة تولد منه معنى التعجب كما في الوجه الأول، وأما إذا خوطب به من لم ينظر ولم يسمع افاد الحث على النظر والاستماع، فكيف يفيد معنى التعجب؟ والجواب: أنه مزال عن الأصل نظراً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015