والدليل على أن الجناح تبعة المهر قوله: (وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ) إلى قوله: (فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ)، فقوله: (فنصف ما فرضتم) إثبات للجناح المنفي ثمة، والمتعة درع وملحفة وخمار على حسب الحال عند أبى حنيفة إلا أن يكون مهر مثلها أقل من ذلك، فلها الأقل من نصف مهر المثل ومن المتعة، ولا ينقص من خمسة دراهم؛ لأن أقل المهر عشرة دراهم، فلا ينقص من نصفها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بمعنى الواو، وعليه كلام الراغب، قال: قوله: (أَوْ تَفْرِضُوا) تقديره: أولم تفرضوا، فهو معطوف على قوله: (تَمَسُّوهُنَّ)، و (أَوْ) في نحو هذا الموضع تفيد ما يفيد الواو على وجه، وذلك أنه إذا قيل: افعل كذا إن جاءك زيد أو عمرو، يقتضي أن تفعله إذا جاء أحدهما، ولا شك أنه يحتاج أن يفعله إذا جاءا جميعاً؛ لأنه قد جاء أحدهما وزيادة، وعلى هذا قال النحويون: جالس الحسن أو ابن سيرين يقتضي أنه إذا جالسهما فقد امتثل، وعلى هذا قوله: (وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ) [النساء: 43] فظاهر الآية يقتضي أنه إن لم يكن لها مسيس أو لم يكن لها فرض أو لم يكن الأمران فلها المتعة، فكأنه قيل: إذا طلقتموهن ولم يحصل الأمران: المسيس والفرض، أو حصل المسيس ولم يحصل الفرض، فمتعوهن.

إن قيل: "ما" في قوله: (مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ) يقتضي الشرط، وذلك يوجب أن رفع الجناح عن المطلق بشرط عدم المماسة وعدم الفرض، ومعلوم أن الجناح مرفوع عن المطلق مسها أو لم يمسها، فرض أو لم يفرض، فما وجه ذلك؟ قيل: القصد بالآية: أن الجناح مرفوع بإعطاء المتعة، فكأنه قيل: لا جناح في طلاقها إذا متعها، ودل على ذلك بقوله: (وَمَتِّعُوهُنَّ)، وقد علم أن الجناح غير مرفوع عمن لم يمتع إذا طلقها قبل الفرض والمسيس.

قوله: (والدليل على أن الجناح تبعة) يعني: قوله تعالى: (فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ) إثبات لوجوب المهر ها هنا، وهو موجب لأن يكون المنهي المنفي هناك إيجاب المهر؛ لأن المقابل إنما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015