(عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ) لا محالة، ولا تنفكون عن النطق برغبتكم فيهنّ، ولا تصبرون عنه، وفيه طرف من التوبيخ كقوله: (عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ) [البقرة: 187]. فإن قلت: أين المستدرك بقوله: (وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ)؟ قلت: هو محذوف؛ لدلالة (ستذكرونهنّ) عليه، تقديره: علم اللَّه أنكم ستذكرونهنّ، فاذكروهنّ ولكن لا تواعدوهنّ سراً، والسر وقع كناية عن النكاح الذي هو الوطء؛ لأنه مما يسرّ، قال الأعشى:
وَلَا تَقْرَبَنْ مِنْ جَارَةٍ إنَّ سِرَّهَا ... عَلَيْكَ حَرَامٌ فَانْكِحَنْ أوْ تَأَبَّدَا
ثم عبر به عن النكاح الذي هو العقد لأنه سبب فيه، كما فعل بالنكاح. (إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً) وهو أن تعرّضوا ولا تصرحوا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ولا تنفكون)، وفي بعض النسخ: "ولا ينفكون"، الجوهري: فككت الشيء: خلصته، وكل مشتبكين فصلتهما فقد فككتهما.
قوله: (ولا تقربن جارة) البيت، تأبد: من الأبود، وهو النفار، أي: اعتزل عنهن ما لم يكن حلالاً، كأنك وحشي لا تدري ما النكاح، وأصله: "تأبدن" أبدل نون التأكيد بالألف في الوقف.
قوله: (ثم عبر به) أي: ثم عبر بالسر ها هنا عن العقد بعدما جعل كناية عن الوطء؛ لأن العقد سبب للوطء، فيكون مجازاً عن العقد من إطلاق لفظ المسبب على السبب.
قوله: (كما فعل بالنكاح) أي: كما عبر بالنكاح الذي هو الوطء عن العقد؛ لأنه سبب فيه، ولو جعل السر كناية عن النكاح الذي هو الوطء ثم جعل عبارة عن العقد ليكون كناية تلويحية: لجاز، فالضمير في "أنه" راجع إلى الوطء حينئذ.