فلأنها أحق بالتربية وهي أعلم بحال الصبي. وقرئ (فإن أراد). "استرضع" منقول من "أرضع"، يقال: أرضعت المرأة الصبي، واسترضعتها الصبي، لتعديه إلى مفعولين، كما تقول: أنجح الحاجة، واستنجحته الحاجة. والمعنى:

أن تسترضعوا المراضع أولادكم، فحذف أحد المفعولين للاستغناء عنه، كما تقول: استنجحت الحاجة ولا تذكر من استنجحته، وكذلك حكم كل مفعولين لم يكن أحدهما عبارة عن الأوّل إِذا سَلَّمْتُمْ إلى المراضع ما آتَيْتُمْ ما أردتم إيتاءه، كقوله تعالى: (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) [المائدة: 6]، وقرئ: (ما أتيتم) من أتى إليه إحساناً إذا فعله. ومنه قوله تعالى: (إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَاتِيًّا) [مريم: 61] أي: مفعولاً. وروى شيبان عن عاصم: (ما أوتيتم) أي: ما آتاكم اللَّه وأقدركم عليه من الأجرة، ونحوه (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) [الحديد: 7]. وليس التسليم بشرط للجواز والصحة، وإنما هو ندب إلى الأولى، ويجوز أن يكون بعثاً على أن يكون الشيء الذي تعطاه المرضع من أهنى ما يكون، لتكون طيبة النفس راضية، فيعود ذلك إصلاحاً لشأن الصبي واحتياطاً في أمره، فأمرنا بإيتائه ناجزاً يداً بيد؛ كأنه قيل: إذا أدّيتم إليهن يداً بيد ما أعطيتموهن .......

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النقصان" تفسيراً لقول قتادة: "ثم أنزل الله اليسر والتخفيف وقال: (لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) "، وقول الحسن: "ليس ذلك بوقت لا ينقص". قلت: المراد أنه من التحديد الوقت المضروب، فما وقت نقص دون ما زاد، وقصر الإرادة على الآباء في قوله: (لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) دون الأمهات، فالحاصل: أن الأول دل على جواز النقصان للآباء دون الأمهات، والثاني على جواز النقصان والزيادة للآباء والأمهات، وأما قوله: "قيل: هو في غاية الحولين لا يتجاوز"، فمعناه: أن التشاور ينتهي إلى غاية الحولين فلا يتجاوز، فالغاية بمعنى: جميع المدة لا آخرها.

قوله: (ويجوز أن يكون بعثاً) قيل: هو عطف على قوله: "ما أردتم إيتاءه" فلا يحتاج إلى تقدير الإرادة، ولهذا قال: "إذا أديتم إليهن يداً بيد" كذا ذكروا، وقلت: الأولى أن يكون عطفاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015