وهو قوله تعالى: (وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً) [لقمان: 33]؟ (بِالْمَعْرُوفِ) تفسيره ما يعقبه، وهو أن لا يكلف واحد منهما ما ليس في وسعه ولا يتضارّا. وقرئ: (لا تكلف) بفتح التاء، و (لا نكلف) بالنون. وقرئ: (لا تُضَارَّ) بالرفع على الإخبار، وهو يحتمل البناء للفاعل والمفعول، وأن يكون الأصل: تضارر؛ بكسر الراء، وتضارر؛ بفتحها. وقرأ: (لا تُضَارَّ) بالفتح أكثر القراء، وقرأ الحسن بالكسر على النهي، وهو محتمل للبناءين أيضاًً، ويبين ذلك أنه قرئ: (لا تضارَرْ)، و (لا تضارِرْ) بالجزم وفتح الراء الأولى وكسرها، وقرأ أبو جعفر: (لا تضارّ) بالسكون مع التشديد على نية الوقف، وعن الأعرج: (لا تضارْ) بالسكون والتخفيف، وهو من: ضاره يصيره، ونوى الوقف كما نواه أبو جعفر، أو اختلس الضمة فظنه الراوي سكوناً. وعن كاتب عمر بن الخطاب: (لا تضرر). والمعنى: لا تضارّ والدة زوجها بسبب ولدها، وهو أن تعنف به، وتطلب منه ما ليس بعدل من الرزق والكسوة، وأن تشغل قلبه بالتفريط في شأن الولد، وأن تقول بعد ما ألفها الصبي: اطلب له ظئراً،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على الوالد إيجاب شيء. وقلت: وإن لم يعدل في الوالد فيها، عدل عن الولد إلى المولود لنكتة أخرى وهي ما ذكره هناك.
قوله: (وقرئ: "لا تضار" بالرفع) ابن كثير وأبو عمرو، والباقون بفتح الراء، والبواقي شواذ. قال الزجاج: الرفع على معنى: لا تكلف نفس على الخبر الذي فيه معنى النهي، وفتح الراء على النهي أيضاً، والموضع موضع جزم، والأصل: لا تضارر فأدغمت الراء الأولى في الثانية وفتحت الثانية لالتقاء الساكنين، وهذا الاختيار في التضعيف إذا كان قبله فتح أو ألف، ويجوز: لا تضار، بالكسر، ولا أعلم أحداً قرأ به، وإنما جاز الكسر لالتقاء الساكنين لأنه الأصل، ومعنى (لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا) أي: لا تترك إرضاع ولدها غيظاً على أبيه فتضرَّ به.