أي: يرضعن حولين (لمن أراد أن يتمّ الرضاعة) من الآباء؛ لأنّ الأب يجب عليه إرضاع الولد دون الأم، وعليه أن يتخذ له ظئراً إلا إذا تطوعت الأم بإرضاعه وهي مندوبة إلى ذلك ولا تجبر عليه. ولا يجوز استئجار الأم عند أبي حنيفة رحمه اللَّه، ما دامت زوجةً أو معتدة من نكاح. وعند الشافعي يجوز، فإذا انقضت عدّتها جاز بالاتفاق. فان قلت: فما بال الوالدات مأموراتٍ بأن يرضعن أولادهنّ؟ قلت: إما أن يكون أمراً على وجه الندب، وإما على وجه الوجوب إذا لم يقبل الصبي إلا ثدي أمه، أو لم توجد له ظئر، أو كان الأب عاجزاً عن الاستئجار. وقيل: أراد: الوالدات المطلقات. وإيجاب النفقة والكسوة لأجل الرضاع. (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ): وعلى الذي يولد له، وهو الوالد، و (لَهُ) في محل الرفعِ على الفاعلية، نحو: (عَلَيْهِمْ) في (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة: 7]. فإن قلت: لم قيل: (الْمَوْلُودِ لَهُ) دون الوالد؟ قلت: ليعلم أنّ الوالدات إنما ولدن لهم؛ لأن الأولاد للآباء؛ ولذلك ينسبون إليهم لا إلى الأمهات؛ وأنشد للمأمون بن الرشيد:
فَإنَما أُمَّهَاتُ النَّاسِ أوْعِيَةٌ ... مُسْتَوْدَعَاتٌ وَلِلآبَاءِ أبْنَاءُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهي أن الولد لما كان زمان حمله وفصاله أقل من ثلاثين شهراً أضر ذلك به، فإذا ولد لسبعة أشهر لم يضره أن ينقص رضاعه عن الحولين.
قوله: (وقيل: أراد الوالدات المطلقات)، فعلى هذا، التعريف في (وَالْوَالِدَاتُ): للعهد، والمشار إليه: ما يفهم من قوله: (وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ)، والمراد من إيجاب النفقة والكسوة: ما يعطيه قوله: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) من معنى الوجوب، وهذا الوجه أحسن في الالتئام وأظهر في معنى الوجوب في قوله: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ) لأن على الأزواج رزق الزوجات وكسوتهن، سواء أرضعن أو لم يرضعن.
قوله: (فإنما أمهات الناس) البيت، ويروى فيه: "وللآباء أبناء"، وقيل: الرواية: "وللأنساب أبناء". قبله: