ونحوه: (ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ) [المجادلة: 12]. (أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ) من أدناس الآثام، وقيل: (أَزْكى) (وَأَطْهَرُ): أفضل وأطيب. (وَاللَّهُ يَعْلَمُ) ما في ذلك من الزكاء والطهر، وأنتم لا تعلمونه. أو: واللَّهُ يعلم ما تستصلحون به من الأحكام والشرائع وأنتم تجهلونه.
[(وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: وكيف ما كان في الكلام تلوين الخطاب؛ لأنه تعالى خاطبهم أولاً بقوله: (وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ) ثم رجع إلى مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم تعليلاً لهم وتعظيماً له، أو إلى مخاطبة كل أحد للدلالة على تعظيم الأمر، فلا يختص بهؤلاء، أو جعلهم في حكم القبيل والفوج تقليلاً لهم وتعظيماً للمتكلم، ثم عاد على مخاطبتهم بقوله: (مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ)، والأول أوجه لأنه أوفق لما في سورة الطلاق.
قوله: () ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ))، والتلاوة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
قوله: (وقيل: (أَزْكَى) (وَأَطْهَرُ): أفضل وأطيب)، فعلى الأول "وأطهر": عطف تفسيري على "أزكى"؛ لأنه بمعنى الطهارة، وعلى هذا بمعنى النمو والزيادة. الراغبك زكاء الإنسان وطهارته في الحقيقة: كونه بحيث يستحق في الدنيا الأوصاف المحمودة، وفي الآخرة عظيم المثوبة، وأن يصلح لمجاورة الملأ الأعلى بل لمجاورة المولى، ولذلك عقبه بقوله: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).