(أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) وإما أن يخليها حتى تنقضي عدّتها وتبين من غير ضرار. (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً): كان الرجل يطلق المرأة ويتركها حتى يقرب انقضاء عدتها ثم يراجعها لا عن حاجةٍ، ولكن ليطوّل العدة عليها، فهو الإمساك ضراراً. (لِتَعْتَدُوا): لتظلموهنّ، وقيل: لتلجئوهن إلى الافتداء. (فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) بتعريضها لعقاب اللَّه. (وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً) أي: جدّوا في الأخذ بها والعمل بما فيها وارعوها حق رعايتها، وإلا فقد اتخذتموها هزواً ولعباً. ويقال لمن لم يجدّ في الأمر: إنما أنت لاعب وهازئ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فَاعْدِلُوا) [الأنعام: 152]، فقوله: (فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) أي: خضن في زمان بلوغ الأجل. وأيضاً، فقولهم: بلغ، يقال لما شارف وإن لم ينته، وإنما خصت المشارفة؛ لأنهم كانوا يطلقون المرأة فيتركونها حتى تشارف انقضاء العدة ثم يراجعونها إضراراً بها، وهذه الآية ظاهرها إعادة حكم ما تقدم، فإنه يجوز مراجعتها بعد انقضاء العدة، وقد فسرت تفسيرين: أحدهما: أن الأولى فيها حكم جواز الرجعة بعد التطليقة والتطليقتين، وتحريم الرجعة بعد الثالثة، وهذه تقتضي جواز رجعتها ما دامت في العدة، لا عن الطلاق الثلاث، وفيها زيادة حكم وإن كانت تفيد بعض ما أفادت الأولى، وهي ما ذكر بعدها من الأحكام.

قوله: ((أَوْ سَرِّحُوهُنَّ) بإحسان في نسخة، ولفظ القرآن: (بِمَعْرُوفٍ)، وضع المفسر موضع المفسر، لأنه فسر المعروف بعيد هذا بما يحسن في الدين والمروءة من الشرائط، ولما سبق في تلك الآية: (فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) [البقرة: 229]. الراغب: لم تعلق التسريح ها هنا بمعروف، وفي الأولى بإحسان؟ قيل: نبه به على أنه إن لم تراعوا في تسريحها الإحسان فراعوا فيه المعروف، كما قال بعضهم لسلطان: إن لم تحسن فعدلاً.

قوله: (أي جدوا في الأخذ بها والعمل بما فيها). قال القاضي: كأنه نهي عن الهزؤ، واراد به الأمر بضده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015