هذا إذا كان النشوز منها، فإن كان منه كره له أن يأخذ منها شيئاً. وقرئ: (إلا أن يخافا) على البناء للمفعول وإبدال (ألا يقيما) من ألف الضمير، وهو من بدل الاشتمال، كقولك: خيف زيد تركه إقامة حدود اللَّه، ونحوه: (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) [الأنبياء: 3]، ويعضده قراءة عبد اللَّه: (إلا أن تخافوا)، وفي قراءة أبىّ (إلا أن يظنا)، ويجوز أن يكون الخوف بمعنى الظن، يقولون: أخاف أن يكون كذا، وأفرق أن يكون، يريدون أظن. (فَإِنْ طَلَّقَها) الطلاق المذكور الموصوف بالتكرار في قوله تعالى: (الطَّلاقُ مَرَّتانِ)، واستوفى نصابه؛ أو فإن طلقها مرةً ثالثةً بعد المرّتين (فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ) من بعد ذلك التطليق (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ): حتى تتزوّج غيره. والنكاح يسند إلى المرأة كما يسند إلى الرجل، كما التزوج. ويقال: فلانة ناكح في بنى فلان. وقد تعلق من اقتصر على العقد في التحليل بظاهره، وهو سعيد ابن المسيب، والذي عليه الجمهور أنه لا بد من الإصابة؛ لما روى عروة عن عائشة رضي اللَّه عنها: أنّ امرأة رفاعة جاءت إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ: "إلا أن يخافا"، على البناء للمفعول)، قرأها حمزة وأبو جعفر ويعقوب، أي: يعلم ذلك منهما إما القاضي أو الوالي، يؤيده قوله: (فَإِنْ خِفْتُمْ).
قوله: (أو: فإن طلقها مرة ثالثة) هذا إشارة على الوجه الثاني، وقوله: "فإن طلقها الطلاق المذكور" إلى الوجه الأول في تفسير قوله: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ). قال القاضي: (فَإِنْ طَلَّقَهَا): متعلق بقوله: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ)، وتفسير لقوله: (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) اعترض بينهما ذكر الخلع دلالة على أن الطلاق يقع مجاناً تارة وبعوض أخرى، والمعنى: فإن طلقها بعد الثنتين (فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ).
قوله: (أن امرأة رفاعة) الحديث أخرجه الشيخان وغيرهما مع اختلاف فيه، وعبد الرحمن ابن الزبير بفتح الزاي وكسر الباء.