على التفريق دون الجمع والإرسال دفعة واحدةً، ولم يرد بالمرتين التثنية، ولكن التكرير، كقوله: (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) [الملك: 4] أي: كرّةً بعد كرّةٍ، لا كرّتين اثنتين، ونحو ذلك من التثاني التي يراد بها التكرير: قولهم: لبيك، وسعديك، وحنانيك، وهذاذيك، ودواليك. وقوله تعالى: (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) تخيير لهم ....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولم أر كالمعروف أما مذاقه ... فحلو، وأما وجهه فجميل
فإن قيل: كيف علق التسريح بالإحسان، وهل بينه وبين المعروف فرق؟ قيل: الإحسان أعم معنى من المعروف؛ لأن الشيء قد يكون معروفاً غير منكر ولا يكون مستحسناً، فكل إحسان معروف، وليس كل معروف إحساناً، وبين أن من حق المسرح أن يبذل ما يزيد على الإنصاف تبرعاً، وذلك على حسب ما كانوا يراعون في بذل فضل المعروف لمن يرتحل عنهم.
قوله: (على التفريق)، أي: يطلق في قرء طلقة ثم في آخر أخرى إلى الثالثة، لا أن يطلق في قرء واحد ثلاثاً.
قوله: (من التثاني)، الجوهري: ثنيت الشيء ثنياً: عطفته، وثنيته تثنية، أي: جعلته اثنين.
قوله: (لبيك)، قال ابن السكيت: هو من الب بالمكان: أقام به ولزمه، قال الجوهري: وكان من حقه أن يقال: لباً لك، لكنه ثني على معنى التأكيد، أي: إقامة على طاعتك بعد إقامة، و"سعديك" أي: إسعاداً لك بعد إسعاد، وحنانيك أي: رحمةَ بعد رحمة، يعني كلما كنت في رحمة اتصلت برحمة أخرى، وهذاذيك، أي: قطعاً بعد قطع، ودواليك: مداولة بعد مُداولة، أو: دال لك الأمر دوالاً بعد دوال، من: دالت لك الدولة.