وفي قراءة أبٌيّ: (بردّتهن) (فِي ذلِكَ): في مدة ذلك التربص. فإن قلت: كيف جُعلوا أحق بالرجعة، كأن للنساء حقاً فيها؟ قلت: المعنى أنّ الرجل إن أراد الرجعة وأبتها المرأة وجب إيثار قوله على قولها، وكان هو أحق منها، لا أن لها حقاً في الرجعة. (إِنْ أَرادُوا) بالرجعة (إِصْلاحاً) لما بينهم وبينهن وإحساناً إليهن، ولم يريدوا مضارّتهنّ. (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ) ويجب لهنّ من الحق على الرجال مثل الذي يجب لهم عليهنّ، (بِالْمَعْرُوفِ) بالوجه الذي لا ينكر في الشرع وعادات الناس، فلا يكلفنهم ما ليس لهنّ، ولا يكلفونهنّ ما ليس لهم، ولا يعنف أحد الزوجين صاحبه. والمراد بالمماثلة مماثلة الواجبِ الواجبَ في كونه حسنةً، لا في جنس الفعل، فلا يجب عليه إذا غسلت ثيابه أو خبزت له أن يفعل نحو ذلك، ولكن يقابله بما يليق بالرجال. (دَرَجَةٌ) زيادة في الحق وفضيلة. قيل المرأة تنال من اللذة ما ينال الرجل، وله الفضيلة بقيامه عليها وإنفاقه في مصالحها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: وقال الزجاج: بعوله: جمع بعل، كذكر وذكورة وعم وعمومة، والهاء: زيادة مؤكدة لمعنى تأنيث الجماعة، وهذه الأمثلة سماعية لا قياسية، فلا نقول في كعب: كعوبة.
قوله: (لا أن لها حقاً في الرجعة) يشير إلى أن تسمية إباء المرأة بالرجعة للتأييس، إما للتغليب أو المشاكلة، أو من باب: الصيف أحر من الشتاء، وذلك أن الشارع أبغض المفارقة وأحب الموافقة، فكان طلب الرجعة من البعولة أبلغ في بابه من طلب الفرقة من المرأة، روينا عن أبي داود، عن محارب بن دثار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما أحل الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق"، وفي رواية قال: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق". وعن الترمذي وأبي داود، عن