. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبي حنيفة، فإن الفيء وعزم الطلاق يصح عنده قبل مضي الأشهر الأربعة لا بعده؟ وأجاب: إن عطف قوله: (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ) على قوله: (فَإِنْ فَاءُوا) يدل على أن كليهما كالتفصيل لما أجمل في قوله: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ)، والمفصل عن المجمل يتعقبه في الذكر لا الوجود، وأجاب الإمام: أن الفيء وعزم الطلاق مشروعان عقيب الإيلاء وعقيب حصول التربص، فلابد أن يكون مدخول الفاء واقعاً بعد هذين الأمرين، والمثال المذكور ليس منه؛ لأن الفاء مذكورة عقيب شيء واحد.
وقلت: المثال المذكور ليس منه؛ لأن الفاء مذكورة عقيب شيء واحد؛ لأن النزيل عند القوم لا يخلو حاله من هذين المعنيين، إما أنهم يراعون حقه أو يتركونه ولا يلتفتون إليه، ولا ثالث فيصح التفصيل، وأما في الآية فللمولي حالة ثالثة غير الفيء والطلاق، وهو التربص، فلا يكون التفصيل حاصراً، على أن التربص يدفعهما؛ لأن معناه: الانتظار والتوقف، كما في قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة: 228]، فالواجب حمل الفاء على التعقيب مطلقاً.
قال صاحب "الانتصاف": ما قاله صاحب "الكشاف" في الفاء التفصيلية تفريع على مذهب أبي حنيفة، والسؤال لازم له، ويجوز أن يجاب عنه على مذهبه، فإن التربص هو: الانتظار، وذلك يصدق بالشروع فيه، فتقول لمن أمهلته: قد أجلتك أربعة أشهر، وتربصت بك أربعة أشهر، وإن لم يمض منها إلا دقيقة، فتكون الفاء واقعة في محلها حقيقة ولا يحتاج إلى حملها على المجاز.
وقلت: هو وإن أجرى الفاء على حقيقتها لكن جعل مدة تربص أربعة أشهر مجازاً من الشروع فيها، وعلى ما قررنا لا يلزم من ذلك شيء.