. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مفهومها على شيئين آخرين لأن الأمر أن أحدهما: أن الأمر بإتيانهن قد يتوهم منه أن يكون لمجرد الشهوة، أو لطلب الولد، فبين بقوله: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) الموضع الذي ينبغي أن يؤتى فيه، فأزيل طلب مجرد الشهوة، فإن الحرث مختص بالمكان الذي يتأتى فيه البذر والزرع، والحاصل أن من حق الظاهر أن توضح الكناية بالتصريح ليتبين المقصود ظاهراً، فبينت هذه الكناية بكناية أخرى، لتلك النكتة السرية، وليناط بها مسألتان على سبيل الإدماج، إحداهما: أن النساء كالأراضي، مملوكات للرجال. وثانيتهما: رفع الجناح عما كان يجتنبه اليهود من التجبية، ثم السر في جعل (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) اعتراضاً بين البيان والمبين، وتوكيداً لمضمونهما، وإيثار بناء الفعل في (الْمُتَطَهِّرِينَ) من التفعل، وإيقاع المحبة عليه، وتخصيص اسم الله الجامع بعد سبق ذكر الأذى والمحيض: للإعلام بتوخي تكلف الطهارة وتحري العروج من حضيض السفالة إلى يفاع مدارج قدس تجلي المحبة.
وفي "اللطائف القشيرية": إن الله يحب التوابين من الذنوب، ويحب المتطهرين من العيوب، ويحب التوابين من الزلة المتطهرين من العلة. انظر أيها الناظر في كلام الله المجيد، المتأمل في دقيق إشاراته ولطيف لمحاته إلى هذه الرموز والتلويحات، لتعرف أن الحديث في الأذى والمحيض إذا اشتمل على هذه النكات، فما الظن في النبوات والإلهيات، والله أعلم. هذا على تقدير الواو، وأما على تقدير "أو" فلا ينبغي أن يجمع بين هذه المعاني، اللهم إلا أن يقال: إن "أو" للإباحة، كقولهم: جالس الحسن أو ابن سيرين.