والمعنى: جامعوهن من أي: شق أدرتم بعد أن يكون المأتى واحداً؛ وهو موضع الحرث. وقوله: (هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ)، (مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ)، (فَاتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) من الكنايات اللطيفة والتعريضات المستحسنة، وهذه وأشباهها في كلام اللَّه آداب حسنة على المؤمنين أن يتعلموها، ويتأدّبوا بها، ويتكلفوا مثلها في محاورتهم ومكاتبتهم. وروي: أن اليهود كانوا يقولون: من جامع امرأته وهي مجبية من دبرها في قبلها؛ .....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المذكورات الأربع كل واحد منها من الكنايات اللطيفة والتعريضات المستحسنة، والتعريضات: عطف على الكنايات على سبيل البيان.
يعني أنها تعريضات واقعة على طريق الكناية، أما قوله: (هُوَ أَذًى) فكناية عن قوله: "شيء مستقذر" كما قدره؛ لأن المستقذرات مستلزمة للأذى، ووجه حسنها: أن المراد الاجتناب عنه، فيجب أن يكني بلفظ [لا] يوحش السامع كما سبق في قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) [البقرة: 187]، وأما قوله: (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ) فهو كناية عن اجتناب قربانهن ومجامعتهن، ووجه حسنها: لفظ الاعتزال، فإنه يدل على التبعيد منهن لتناسب الأذى وإظهار لفظ النساء وتصريح المحيض، ورتب هذا الحكم على تلك الصفة، وأما قوله: (مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ) فكناية عن إتيانهن في قبلهن، ووجه حسنها: الإشعار بأن في المأمور به فوائد غير ما ورد الكلام له من طلب النسل، والتحصن وغير ذلك، قال الزجاج: أي: ولا تقربوهن وهن طامثات، ولا معتكفات، ولا صائمات، ولا محرمات. وفي تخصيص اسمه الأعظم في هذا المقام معان وحكم لا تحصى، وأما قوله: (فَاتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) فعلى ما سبق.
قوله: (وهي مجبية)، النهاية: في حديث جابر: كانت اليهود تقول: إذا نكح الرجل امرأته مجبية جاء الولد أحول، أي: منكبة على وجهها تشبيهاً بهيئة السجود، والرواية عن البخاري،