(مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ): من المأتى الذي أمركم اللَّه به وحلله لكم؛ وهو القبل. (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) مما عسى يندر منهم من ارتكاب ما نهوا عنه من ذلك، (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) المتنزهين عن الفواحش، أو إنّ اللَّه يحبّ التوّابين الذين يطهرون أنفسهم بطهرة التوبة من كل ذنب، ويحب المتطهرين من جميع الأقذار، كمجامعة الحائض والطاهر قبل الغسل، وإتيان ما ليس بمباح، وغير ذلك. (حَرْثٌ لَكُمْ): مواضع حرثٍ لكم. وهذا مجاز، ....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يجوز قربانهن، ثم قوله: (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) لابد له من فائدة زائدة على ذلك، فإذا أريد بالطهارة انقطاع الدم، كان تكريراً والمقام لا يقتضيه. فيجب حمله على الاغتسال، ويعضده قوله: (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ) فإنه بناءُ مبالغة يقتضي التطهر التام، والفاء نتيجة، أي: إذا حصل الطهارتان فلا تفعلوا ما هو أقذر من ذلك من الإتيان في أدبارهن، بل (فَاتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) مما عسى يبدر منكم من القربان في المحيض، (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ): المجتنبين عن تلك الفاحشة المتنزهين عن الإتيان في الأدبار؛ لأنه فاحشة فيكون المشار إليه بقوله: "من ذلك" ما يفهم من قوله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ)، والمراد بالمتطهرين: المجتنبون عن تلك الفاحشة، ويجوز العكس، ويجوز أن يكون المشار إليه النهيين المذكورين في الآية، ومعنى النهي في الثاني بناءً على أن الأمر بالشيء نهي عن ضده، وعلى الوجه الآتي القرينتان، أعني التوابين والمتطهرين، علامتان كقوله أولاً: "التوبة من كل ذنب"، وثانياً: "المطهرين من جميع الأقذار" وهذا الوجه أنسب بالاعتراض الواقع بين البيان والمبين، وأدعى للمقام، ولذلك صرح بمجامعة الحائض والطاهر قبل الغسل وإتيان ما ليس بمباح.
قوله: (مما عسى يبدر منهم) بالياء والباء، وفي نسخة الصمصام: بالياء والنون.
الجوهري: بدرت منه بوادر غضب، أي: خطأ وسقطات عندما احتد، والبادرة: البديهة، بدرت إلى الشيء، أبدر إليه بدوراً، شرعت، وكذلك: بادرت إليه.
قوله: (مواضع حرث لكم، وهذا مجاز)، فإن قلت: هذا يوهم أن التشبيه مجاز وأن قوله