فقتلوه وأسروا اثنين، واستاقوا العير وفيها من تجارة الطائف، وكان ذلك أول يوم من رجب، وهم يظنونه من جمادى الآخرة، فقالت قريش: قد استحل محمد الشهر الحرام شهراً يأمن فيه الخائف ويبذعرّ فيه الناس إلى معايشهم، فوقف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم العير وعظم ذلك على أصحاب السرية وقالوا: ما نبرح حتى تنزل توبتنا، وردّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم العير والأسارى. وعن ابن عباس رضى اللَّه عنه: لما نزلت أخذ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الغنيمة. والمعنى: يسألك الكفار أو المسلمون عن القتال في الشهر الحرام. و (قِتالٍ فِيهِ) بدل الاشتمال من (الشهر)، وفي قراءة عبد اللَّه: (عن قتال فيه) على تكرير العامل، كقوله: (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) [الأعراف: 75]، وقرأ عكرمة: (قتل فيه قل: قتل فيه كبير) أي: إثم كبير. وعن عطاء: أنه سئل عن القتال في الشهر الحرام فحلف باللَّه ما يحل للناس أن يغزوا في الحرم ولا في الشهر الحرام إلا أن يقاتلوا فيه، وما نسخت.

وأكثر الأقاويل على أنها منسوخة بقوله: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة: 5] ...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ويبذعر) أي: يتفرق، الجوهري: ابذعروا: تفرقوا، قال أبو السميدع: ابذعرت الخيل: إذا ركضت تبادر شيئاً تطلبه.

قوله: (وما نسخت) تتمة قول عطاء وتفسير لقوله: "ما يحل للناس" إلى آخره، أي: فحلف بالله: ما نسخت، وأكثر الأقاويل أنها منسوخة بقوله: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة: 5]، قال القاضي: وهو نسخ للخاص بالعام وفيه خلاف، والأولى منع دلالة الآية على حرمة القتال في الشهر الحرام مطلقاً، فإن (قِتَالٍ فِيهِ) نكرة في حيز مثبت فلا تعم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015