كأنه في نفسه لفرط كراهتهم له؛ وإما أن يكون فعلاً بمعنى مفعول كالخبز بمعنى المخبوز، أي: وهو مكروهٌ لكم. وقرأ السلمي بالفتح على أن يكون بمعنى المضموم، كالضعف والضعف، ويجوز أن يكون بمعنى الإكراه على طريق المجاز، كأنهم أكرهوا عليه لشدة كراهتهم له ومشقته عليهم. ومنه قوله تعالى: (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً) [الأحقاف: 15]، ......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجوهري: الكره، بالضم: المشقة، يقال: أقمت على كره، أي: مشقة، ويقال: أقامني فلان على كره، بالفتح: إذا أكرهك عليه، قال: وكان الكسائي يقول: الكَرْهُ والكُرْه لغتان.
الراغب: قيل: هما واحد، وقيل: الكَرْهُ، بالفتح: المشقة التي تنال الإنسان من خارج مما يحمل عليه بإكراه، وبالضم: ما يناله من ذاته وهو ما يعافه إما طبعاً أو عقلاً أو شرعاً ولهذا يصح أن يقول الإنسان في الشيء الواحد: إني أريده وأكرهه، بمعنى إني أريده من حيث الطبع وأكرهه من حيث الشرع، كقوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) الآية.
وذهب المصنف إلى أن الكره من الكراهة لا من الإكراه، بناءً على انه لا يجوز أن يكرههم ويجبرهم على القتال، بل إنه تعالى أوجب عليهم القتال، والحال أن في القتال كراهة عندهم، بدليل قوله: (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)، فإنه أسند الفعل إليهم، ولو كان بمعنى الإكراه لم يطابق الكلام، ويجوز أن يكون إسناد الإكراه إلى الله على سبيل المجاز، بمعنى أنهم لشدة كراهتهم للقتال بحيث لا طريق إلى أن يؤمروا به إلا على طريق الإجبار والإكراه كما مر بيانه في قوله تعالى: (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ) [البقرة: 7] في الوجه الرابع منه، ثم مطابقته لقوله: (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً) على سبيل التذييل.
قوله: ((حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً)) [الأحقاف: 15]. قال المصنف: وكرهاً بالفتح والضم، وهما لغتان في معنى المشقة.