فتوح البلدان (صفحة 412)

ووجه إِلَى كابل شاه جيشا فأدى الإتاوة وأذعن بالطاعة واتصل إليها البريد حَتَّى حمل إليها منها إهليلج وصل رطبا، وكان كاوس ملك أشروسنة كتب إِلَى الْفَضْل بْن سَهْل المعروف بذي الرياستين، وهو وزير المأمون وكاتبه يسأله الصلح عَلَى مال يؤديه عَلَى أن لا يغزي المسلمين بلده فأجيب إِلَى ذلك، فلما قدم المأمون رحمه اللَّه إِلَى مدينة السلام امتنع كاوس منَ الوفاء بالصلح، وكان له قهرمان أثير عنده قد زوج ابنته منَ الْفَضْل بْن كاوس فكان يفرط الْفَضْل عنده ويقربه من قبله ويذم حيدر بْن كاوس المعروف بالأفشين ويشنعه، فوثب حيدر عَلَى القرمان فقتله عَلَى باب كنب مدينتهم وهرب إلى هاشم بن محوز الختلي، وكان هاشم ببلده مملكا عَلَيْهِ، فسأله أن يكتب إلى أبيه فى الرضى عَلَيْهِ، وكان كاوس قَدْ زوج أم جنيد حين قتل قهرمانة طراديس وهرب ببعض دهاقينه.

فلما بلغ حيدر ذلك أظهر الإسلام وشخص إِلَى مدينة السلام، فوصف للمأمون سهولة الأمر فى أشر وسنة وهون عليه ما يهوله الناس من خبروها ووصف له طريقا مختصرة إليها، فوجه المأمون أَحْمَد بْن أَبِي خالد الأحول الكاتب لغزوها في جيش عظيم، فلما بلغ كاوس إقباله نحوه بعث الْفَضْل ابن كاوس إِلَى الترك يستنجدهم فأنجده منهم الدهم، وقدم أَحْمَد بْن أبى خالد بلد أشر وسنة فأناخ عَلَى مدينتها قبل موافاة الْفَضْل بالأتراك فكان تقدير كاوس فيه أن يسلك الطريق البعيدة وأنه لا يعرف هَذِهِ الطريق المختصرة فسقط في يده ونخب قلبه فاستسلم وخرج في الطاعة وبلغ الْفَضْل خبره فانحاز بالأتراك إلى مفازة هناك ثم فارقهم وسار جلدا حَتَّى أتى أباه فدخل في أمانه وهلك الأتراك عطشا، وورد كاوس مدينة السلام فأظهر الإِسْلام وملكه المأمون عَلَى بلاده، ثُمَّ ملك حيدر ابنه وهو الأفشين بعده، وكان المأمون رحمه اللَّه يكتب إِلَى عماله عَلَى خراسان في غزو من لم يكن عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015