إلا مثل عدة أصحابه، فرأى ذلك صوابا ففعله وهو في خمسة آلاف منَ المسلمين أربعة آلاف منَ العرب وألف من مسلمي العجم فالتقوا وهز رايته وحمل وحملوا فقصد ملك الصغانيان للأحنف، فأهوى له بالرمح فانتزع الأحنف الرمح من يده، وقاتل قتالا شديدا، فقتل ثلاثة ممن معهم الطبول منهم كان يقصد قصد صاحب الطبل فيقتله، ثُمَّ أن اللَّه ضرب وجوه الكفار فقتلهم المسلمون قتلا ذريعا ووضعوا السلاح أنى شاءوا منهم ورجع الأحنف إِلَى مرو الروذ، ولحق بعض العدو بالجوزجان فوجه إليهم الأحنف الأقرع بْن حابس التميمي في خيل: وقال: يا بني تميم تحابوا وتبادلوا تعتدل أموركم وابدؤا بجهاد بطونكم وفروجكم يصلح لكم دينكم، ولا تغلوا يسلم لكم جهادكم، فسار الأقرع فلقي العدو بالجوزجان فكانت في المسلمين جولة، ثُمَّ كروا فهزموا الكفرة، وفتحوا الجوزجان عنوة، وقال ابن الغريزة النهشلي:
سقى صوب الصحاب إذا استهلت ... مصارع فتية بالجوزجان
إِلَى القصرين من رستاق حوف ... أفادهم هناك الأقرعان
وفتح الأحنف مطالقان صلحا وفتح الفارياب، ويقال بل فتحها أمير ابن أحمر، ثم سار الأحنف إلى بلخ وهي مدينة طخارى فصالحهم أهلها عَلَى أربعمائة ألف ويقال سبعمائة ألف، وذلك أثبت، فاستعمل عَلَى بلخ أسيد ابن المتشمس، ثُمَّ سار إِلَى خارزم وهي من سقى النهر جميعا ومدينتها شرقية فلم يقدر عليها فانصرف إِلَى بلخ وقد جبى أسيد صلحها.
وقال أَبُو عُبَيْدة: فتح ابن عَامِر ما دون النهر، فلما بلغ أهل ما وراء النهر أمره طلبوا إليه أن يصالحهم ففعل، فيقال أنه عبر النهر حَتَّى أتى موضعا موضعا وقيل بل أتوه فصالحوه وبعث من قبض ذلك، فأتته الدواب والوصفاء والوصائف والحرير والثياب، ثم أنه أحرم شكر الله ولم يذكر غيره عبوره