يخالطون غيرهم فإنهم عَلَى ذلك إذ مات أحدهم فدفنه صاحباه، وكانا يشربان عند قبره فإذا بلغته الكاس هرقاها عَلَى قبره وبكيا، ثُمَّ أن الثاني مات فدفنه الباقي إِلَى جانبه، وكان يجلس عند قبريهما فيشرب، ثُمَّ يصب عَلَى القبر الَّذِي يليه ثُمَّ عَلَى الآخر ويبكي، فأنشد ذات يوم يقول:
خليلي هبا طال ما قَدْ رقدتما ... أجدكما ما تقضيان كراكما
ألم تعلما أني بقزوين مفرد ... وما لي فيها من خليل سواكما
مقيما عَلَى قبريكما لست بارحا ... طوال الليالي أو يجيب صداكما
سأبكيكما طول الحياة وما الَّذِي ... يرد عَلَى ذي لوعة أن بكاكما
ثُمَّ لم يلبث أن مات فدفن عند صاحبيه فقبورهم تعرف بقبور الندماء
حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن عَمْرو الأردبيلي عن واقد الأردبيلي عن مشايخ أدركتهم أن المغيرة بْن شعبة قدم الكوفة واليا من قبل عُمَر بْن الخطاب ومعه كتاب إِلَى حذيفة بْن اليمان بولاية أذربيجان فأنفذه إليه وهو بنهاوند وبقربها فسار حَتَّى أتى أردبيل وهي مدينة أذربيجان وبها مرزبانها واليه جباية خراجها، وكان المرزبان قَدْ جمع إليه المقاتلة من أهل باجروان وميمذ والنرير وسراة والشيز والميانج وغيرهم فقاتلوا المسلمين قتالا شديدا أياما، ثُمَّ أن المرزبان صالح حذيفة عن جميع أهل أذربيجان عَلَى ثمانمائة ألف درهم وزن ثمانية عَلَى أن لا يقتل منهم أحدا ولا يسبيه ولا يهدم بيت نار ولا يعرض لأكراد البلاسجان وسبلان وساترودان، ولا يمنع أهل الشيز خاصة منَ الزفن في أعيادهم وإظهار ما كانوا يظهرونه، ثُمَّ إنه غزا موقان وجيلان فأوقع بهم وصالحهم على أتاوة.