فأنت غاز فأرسله، وكتب إِلَى أهل الكوفة أن يمدوه فأمدوه وفيهم المغيرة بْن شعبة فبعث النعمان المغيرة إِلَى ذي الحاجبين عظيم العجم بنهاوند فجعل يشق بسطه برمحه حَتَّى قام بَيْنَ يديه ثُمَّ قعد عَلَى سريره فأمر به فسحب، فقال إني رَسُول، ثُمَّ التقى المسلمون والمشركون فسلسلوا كل عشرة في سلسلة وكل خمسة في سلسلة لئلا يفروا، قَالَ: فرمونا حَتَّى جرحوا منا جماعة وذلك قبل القتال.
وقال النعمان: شهدت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر زوال الشمس وهبوب الرياح ونزول النصر، ثُمَّ قَالَ: إني هاز لوائي ثلاث هزات، فأما أول هزة فليتوضأ الرجل بعدها وليقض حاجته، وأما الهزة الثانية فلينظر الرجل بعدها إِلَى سيفه أو قَالَ شعه وليتهيأ وليصلح من شأنه، وأما الثالثة فإذا كانت إن شاء اللَّه فاحملوا ولا يلوين أحد عَلَى أحد، فهز لواءه ففعلوا ما أمرهم وثقل درعه عَلَيْهِ فقاتل وقاتل الناس، فكان رحمه اللَّه أول قتيل قَالَ: وسقط الفارسي عن بغلته فانشق بطنه، قَالَ فأتيت النعمان وبه رمق فغسلت وجهه من أدواة ماء كانت معي فقال: من أنت قلت معقل قَالَ: ما صنع المسلمون قلت: أبشر بفتح اللَّه ونصره قَالَ: الحمد لله اكتبوا إِلَى عُمَر.
حدثني شيبان، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سلمة، قَالَ: حدثني علي بْن زيد بْن جدعان عن أَبِي عُثْمَان النهدي، قَالَ: أنا ذهبت بالبشارة إِلَى عُمَر فقال:
ما فعل النعمان قلت قتل قَالَ: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) 2: 156 ثُمَّ بكى فقلت: قتل والله فى آخرين لا أعلمهم قَالَ ولكن اللَّه يعلمهم.
وحدثني أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أسامة وأبو عَامِر العقدي وسلم بْن قتيبة جميعا عن شعبة عن علي بْن زيد عن أَبِي عُثْمَان النهدي، قَالَ:
رأيت عُمَر بْن الخطاب لما جاءه نعي النعمان بْن مقرن وضع يده عَلَى رأسه وجعل يبكي.