فتوح البلدان (صفحة 209)

ابن أَبِي حبيب أن عَمْرو بْن العاصي دخل مصر في ثلاثة آلاف وخمسمائة، وكان عُمَر قَدْ أشفق من ذلك فأرسل الزبير بْن العوام في اثني عشر ألفا فشهد معه فح مصر، قَالَ: فاختط الزبير بمصر والإسكندرية خطتين.

وحدثني إِبْرَاهِيم بْن مُسْلِم الخوارزمي، عن عَبْد اللَّهِ بْن المبارك عَنِ ابْن لهيعة عن يزيد بْن أبي حبيب عن أَبِي فراس عن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن العاص، قَالَ: اشتبه عَلَى الناس أمر مصر، فقال قوم: فتحت عنوة، وقال آخرون:

فتحت صلحا، والثلج في أمرها أن أَبِي قدمها فقاتله أهل اليونة ففتحها قهرا وأدخلها المسلمين وكان الزبير أول من على حصنها، فقال صاحبها لأبي:

أنه قَدْ بلغنا فعلكم بالشام ووضعكم الجزية عَلَى النصارى واليهود وإقراركم الأرض في أيدي أهلها يعمرونها ويؤدون خراجها فإن فعلتم بنا مثل ذلك كان أرد عليكم من قتلنا وسبينا وإجلائنا، قَالَ: فاستشار أَبِي المسلمين فأشاروا عَلَيْهِ بأن يفعل ذلك إلا نفر منهم سألوا أن يقسم الأرض بينهم فوضع عَلَى كل حالم دينارين جزية إلا أن يكون فقيرا وألزم كل ذي أرض مع الدينارين ثلاثة أرادب حنطة وقسطي زيت وقسطي عسل وقسطي خل رزقا للمسلمين تجمع في دار الرزق وتقسم فيهم، وأحصى المسلمون، فألزم جميع أهل مصر لكل رجل منهم جبة صوف وبرنسا أو عمامة وسراويل وخفين في كل عام أو عدل الجبة الصوف ثوبا قبطيا وكتب عليهم بذلك كتابا وشرط لهم إذا وفوا بذلك أن لا تباع نساؤهم وأبناؤهم ولا يسبوا وأن تقر أموالهم وكنوزهم في أيديهم، فكتب بذلك إِلَى أمير الْمُؤْمِنِين عُمَر فأجازه وصارت الأرض أرض خراج إلا أنه لما وقع هَذَا الشرط والكتاب ظن بعض الناس أنها فتحت صلحا، قال: ولما فرغ ملك اليونة من أمر نفسه ومن معه في مدينته صالح عن جميع أهل مصر عَلَى مثل صلح اليونة فرضوا به، وقالوا هؤلاء الممتنعون قَدْ رضوا وقنعوا بهذا فنحن به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015